ثُوْرِيْ على الزِّنْدِيْقِ يَا فَيْحَاءُ
وَتَأَلَّقِيْ في الْمَجْدِ يَا حَسْنَاءُ
فَدَمُ الشُّعُوْبِ يُفَجِّرُ الصَّمْتَ الَّذِيْ
ضَاقَتْ بِهِ الأَمْوَاتُ وَالأَحْيَاءُ
لَمْ تُغْنِ عَنْ نَيْرُوْنَ كُلُّ جُيُوْشِهِ
فَمَضى وَذِيْ رُوْمَا هَوَىً وَبَقَاءُ
الغَارِقُوْنَ دَمًا إِلى أَذْقَانِهِمْ
فَاضَتْ كُؤُوْسُ ذُنُوْبِهِمْ فَأَسَاءُوا
وَالْمُوْغِلُوْنَ خِيَانَةً حَدَّ الأَسَى
زَادَتْ على أَقْذَائِهِمْ أَقْذَاءُ
لَمْ يَرْعَووا مِنْ غَيِّهِمْ وَضَلالِهِمْ
حَتَّى هَوَتْ فَوْقَ الرُّؤُوْسِ سَمَاءُ
هَذِيْ قُرُوْحٌ فِي الْفُؤَادِ وَفِي الْحَشَا
يَعْيَى بِهَا صَبْرٌ لَنَا وَدَوَاءُ
يَا جَارَتَا إِنَّا هُنَا قَتْلَى الْعِدَا
إِذْ كُلُّ قَتْلَى الظَّالِمِيْنَ سَوَاءُ
كَيْفَ الْمَمَاتُ بِلا ذُنُوْبٍ سُطِّرَتْ
لِللآمِنِيْنَ، وَهَلْ هُنَاكَ قَضَاءُ؟!
الْغَابُ أَضْحَى شَرْعُهُ مُتَمَثِّلاً
فِي كُلِّ مَظْلَمَةٍ لَهُمْ هَوْجَاءُ
هَذِيْ دِمَشْقٌ كَأْسُهَا الْحَرَّى دَمٌ
صَلَوَاتُ هَدْيٍ زَادَهَا الإِصْغَاءُ
صُبِّيْ دِمَاءً يَرْتَوِيْ مِنْهَا الْحِمَى
طَعْمُ الشَّهَادَةِ جَنَّةٌ خَضْرَاءُ
دُكُّوا على الْبَاغِيْ حُصُوْنَ ضَلالِهِ
صَاحَ الْمُنَادِيْ: أَنْتُمُ الشُّهَدَاءُ
تَسْتَرْخُصُوْنَ الْعُمْرَ دُوْنَ مَذَلَّةٍ
وَطَرِيْقُكُمْ لَمْ يَمْشِهَا الْعُمَلاءُ
هَذِيْ الشَّآمُ عَرُوْسُكُمْ وَرُمُوْشُهَا
تَسْبِيْ الْمُحِبَّ وَفي الْعُيُوْنِ رَجَاءُ
مَهْرُ الْكَرِيْمَةِ بَاهِضٌ وَمُؤَرِّقٌ
لَكِنَّمَا حُلْوُ الْوِصَالِ عَزَاءُ
فَلْيَعْلَمِ الأَنْذَالُ أَنَّ بِِجِلِّقٍ
فَخْرَ الْعُرُوْبَةِ صَانَهُ الأَبْنَاءُ
مَهْمَا يَطُلْ لَيْلُ الأَسَى في ظُلْمِهِ
فَلَكَمْ صَبَاحٌ زَالَ فِيْهِ بَلاءُ
يَا غُرْبَةَ الْمَحْزُوْنِ في أَفْيَائِهِ
يَا غُصَّةً جَاشَتْ بِهَا الأَحْشَاءُ
لا تَحْسَبُوا أَنَّ الْجِرَاحَ جِرَاحُكُمْ
فَقُلُوْبُنَا كَلْمَى وَنَحْنُ فِدَاءُ
أَنْتُمْ أُسُوْدُ الْمَجْدِ في عَلْيَائِهِ
أَنْتُمْ سَحَابُ الْخَيْرِ وَالأَنْوَاءُ
هَاتُوا لَنَا رُوْحَ الشَّهِيْدِ غَمَامَةً
تَخْضَرُّ مِنْهَا الأَرْضُ وَالأَرْجَاءُ
فَمَلاحِمُ الْمَجْدِ الْمُطَهَّرِ مَا خَلَتْ
يَزْوَرُّ عَنْهَا في الْهَزِيْعِ ثَنَاءُ
وَمَدَائِنُ الْعُرْبِ الْكِرَامِ مَصُوْنَةٌ
تَجْرِيْ نَسَائِمُهَا وَهُنَّ رُخَاءُ
وَمَصَانِعُ الأَبْطَالِ فِيْنَا لَمْ تَمُتْ
فِي كُلِّ يَوْمٍ صَوْلَةٌ مِعْطَاءُ
غَنَّيْتُ مِنْ حَلَبٍ مَوَاوِيْلَ الْعُلا
حَتَّى انْتَشَتْ فِي كُنْهِهَا الأَشْيَاءُ
وَمَعَرَّةُ النُّعْمَانِ مُهْجَةُ شَاعِرٍ
لِمْ تَسْتَطِعْ إِدْرَاكَهَا الشُّعَرَاءُ
وَهُنَا بَنُوْ حَمْدَانَ شَادُوا مَجْدَهُمْ
وَفُتُوْحُهُمْ فِي الْعَالَمِيْنَ لِوَاءُ
صَبْرًا أَيَا فَيْحَاءُ فَجْرُكِ مُشْرِقٌ
لا بَأْسَ إِنْ ضَامَ الْكَرِيْمَ عَنَاءُ
جُرِّيْ ثِيَابَكِ بِالْفِخَارِ وَرَتِّلِيْ
أُنْشُوْدَةً تَسْمُوْ بِهَا الْعَلْيَاءُ
رُشِّيْ ثِيَابَكِ بِالْعُطُوْرِ وَرَدِّدِيْ:
اللهُ أَكْبَرُ أَيُّهَا الْجُبَنَاءُ
وَامْشِيْ على كَفِّ الزَّمَانِ تَمَايُلاً
تِلْكَ الْمُرُوْجُ وَهَذِهِ الأَنْدَاءُ
زُفِّيْ لإِحْرَارِ السَّلامِ بِشَارةً
أَنْ بَعْدَ كُلِّ رَزِيَّةٍ سَرَّاءُ
وَبِأَنَّ لِلظُّلْمِ الْوَخِيْمِ نِهَايَةً
إِذْ ثَارَ أَبْطَالٌ وَفَاضَ إِنَاءُ
وَتَقَاعَسَتْ أُمَمٌ عَنِ الْحَقِّ الَّذِيْ
شَهَدَتْ بِهِ فِي صَمْتِهَا الأَعْدَاءُ
مَا لِلْعُرُوْبَةِ لَمْ تُحَرِّكْ سَاكِنًا
وَكَأَنَّهُ لا قُرْبَةٌ وإِخَاءُ !!
أَيْنَ الضَّمِيْرُ الْعَالَمِيُّ وَمَا جَرَى؟
هَذِيْ جَرَائِمُ حَرْبِهِمْ نَكْرَاءُ
لا تَيْأَسِيْ فَالنَّصْرُ حَانَ أَوَانُهُ
وَتَنَسَّمَتْ مِنْ عِطْرِهِ الْهَيْجَاءُ
وَالشَّمْسُ بَعْدَ كُسُوْفِهَا قَدْ أَشْرَقَتْ
وَبَدَا لَنَا صُبْحٌ هُنَا وَضِيَاءُ
وَغَدًا سَتَرْوِيْ عَنْ جِهَادِكِ أُمَّةٌ
هَذِيْ مَعَارِجُهَا وَذَا الإِسْرَاءُ