في كل زيارة لإدارة جوازات الرياض أشعر أن المتغير هو الزمان أما المكان والبيئة والإجراءات والإدارة كما هي سوى تسريع في آليات العمل.

ثلاثون سنة مرت على مبنى وإدارة الجوازات وهي كما هي لا تغيير: الموقع، المبنى، الأثاث، الشبابيك، الزجاج، الأرضيات،المرافق، هي إدارة منسية معمارياً تذكرنا بزمن ما قبل الطفرة الاقتصادية.وحتى نفهم إدارة جوازات الرياض من الأفضل أن نوجز الملاحظات في نقاط:

أولاً: مبنى إدارة جوازات الرياض على طريق الملك فهد، يعد من أقدم المباني الحكومية بعد وزارات طريق الملك عبدالعزيز - المطار القديم - التي بنيت في عهد الملك سعود رحمة الله، مبنى جوازات الرياض الحالي يأخذ شكل خلية النحل تم إنشاؤه قبل (30) سنة على شارع الكباري - الملك فهد-. هذا المبنى يعود بك إلى ذاكرة مباني الملك سعود والملك فيصل ذات الطراز المعماري المستنسخ من الطراز الأوروبي الكلاسيكي أو مباني الأربعينات والخمسينات يضاف إلى ذلك أنه أهمل من الصيانة والترميم حتى تحول الزجاج الخارجي إلى مجمع للأوساخ والتراب والطيور، والشبابيك في المكاتب تغير لونها وشكلها من الإهمال، أما الصالات فهي أشبه بصالات المحطات القديمة في الدول الفقيرة، ولاشيء داخل المبنى يذكرك بالسعودية الدولة النفطية والغنية والحديثة والتي تنافس عواصم العالم.

ثانياً: توزيع المكاتب والإدارات تعيدك إلى سعودية ماقبل الطفرة حين لايكون هناك مكاتب بل صالات وربما أحواش دون أن يكون للإدارات والأقسام مكاتب مستقلة بل هي إدارات متداخلة ومظلمة وممرات جانبية تفضي إلى أروقة وغرف خلفية، ودرج وسلالم للطوارئ أو حتى للاستعمال اليومي متسخة ومنزوية، ومكاتب في القبو لا توصف من حيث الظلام والعتمة وتلوث التيار الهوائي.

ثالثاً: الموظف وهنا الموظف يرثى لحاله لأنه تنقصه أساسيات وحقوق متطلبات الوظيفة: الأثاث وخصوصية المكاتب. فهناك من الموظفين في رتب عسكرية عالية هم في مواجهة المراجعين، عميد وعقيد ورائد ونقيب وضباط من حقهم أن يكون لهم مكاتب لائقة وظيفيا من حيث التجهيزات والأثاث والغرف المستقلة وخدمات البوفيه وحسن المرافق الخاصة بهم. وزارات الدولة جميعها تغيرات معماريا أصبحت تعبر عن تحضرنا وقوة اقتصادنا، وخاصة جهاز وزارة الداخلية مكاتب زجاجية ورخامية وخدمة بوفية وأثاث بمواصفات عالية أما جوازات الرياض فهي إدارة منسية رغم أنها واجهتنا أمام الأجانب وواجهة لبلادنا و للمواطن الذي يفتخر بتحسن الخدمة ونظافة وجمالية المكان لأنه مرتبط بجواز بوابة السفر إلى بلدان العالم والتواصل الحضاري.

مهما قدمنا من خدمة سريعة مع تواضع في الأثاث والمباني والإدارة فإننا نعطي انطباعا عن بلادنا غير مرضي ونعطي للموظف إحساساً بتواضع أدائه وإمكانيات جهازه. لذا لا أحد يستطيع أن يلوم ويعتب على موظف الجوازات عندما ينقص في الخدمة والأداء لأنه في بيئة لم تقدم له حقوق الموظف من التأثيث وجمال المكان والخدمات الخاصة في عنايته الشخصية، فإذا كانت تنقصه الأساسيات كيف يصبح قادرا على تقديم الخدمات بروح عالية. .....يتيع