Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 10/06/2013 Issue 14865 14865 الأثنين 01 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

أكاديميون وشرعيون لـ(الجزيرة):
مواقف علماء المملكة ترتكز على منهج السلف الصالح في معالجة قضايا الأمة الإسلامية

رجوع

مواقف علماء المملكة ترتكز على منهج السلف الصالح في معالجة قضايا الأمة الإسلامية

الجزيرة - ياسر الجلاجل:

اعتبر عدد من الأكاديميين والشرعيين المتخصصين أن سياسة المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- مناصرة لقضايا المسلمين في كل بقاع العالم، بعيدا عن أي اعتبارات أخرى، لافتين إلى أن موقف علماء المملكة أيضا يتسم بسداد الرأي والروية وبعد النظر. وجاءت هذه التعليقات على خلفية موقف فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من علماء المملكة تجاه حقيقة حزب الله التي تتنافى مع الدين الإسلامي، معتبرين أن تراجع الشيخ القرضاوي عن رأيه في الحزب الطائفي يشكر عليه، فعلماء المملكة يسيرون على منهج السلف الصالح ويتعاملون مع قضايا الأمة من هذا المنطلق. ونوه الأكاديميون بالاحتفاء بعودة الشيخ القرضاوي إلى الحق معتبرين أن ذلك في غاية الحكمة، انفتحوا على تراجعه بلا ازدراء، ولا تحقير، ووسعوا مساحة المشترك دون وصاية فكرية.

سلامة منهج وسداد رأي

في هذا الصدد، أكد الأستاذ الدكتور إبراهيم بن محمد بن قاسم الميمن وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء عضو لجنة المناصحة أن شهادة القرضاوي لعلماء المملكة تأكيد لسلامة منهجهم وعمق علومهم وسداد رأيهم، مضيفاً: فلا شك أن الشهادة التي تناقلتها وسائل الإعلام للشيخ يوسف القرضاوي -حفظه الله- في علماء المملكة العربية السعودية حدث يجب أن لا يمر دون أن تسجل منه بعض المواقف التي تعظم الحاجة إليها في ظل المتغيرات والتحولات التي تمر بعالمنا اليوم، لا سيما وأنها شهادة لها وزنها من أحد علماء العالم الإسلامي، وصدرت في ظرف بالغ الأهمية والحساسية، فأول دلالاتها ما يتسم به العالم من قصد الحق، وإرادة الخير للأمة، وتجاوز الحواجز النفسية والاجتماعية ليقول العالم كلمته وشهادته التي تبرئ ذمته أمام الله، وتؤكد تجرده لله، ونصحه لعباد الله، وهذا ما نظنه دافعًا للشيخ القرضاوي أن يتراجع، ويظهر في موقف النزاع رأيه الذي يرجع فيه عن مواقف سابقة.

حكمة وبعد نظر

وبين الدكتور الميمن أن ذلك يؤكد حكمة علماء هذه البلاد المباركة وبعد نظرهم، وقوة مستمسكهم، كيف لا وهم علماء بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية، ومهوى أفئدة المسلمين ومتطلعهم، وقبلة المسلمين في كل مكان، قامت على أساس متين، ونهج مكين، واجتمعت كلمة العلماء فيها على حماية توحيد الله، وتعظيم شرع الله، وتأكيد الأصول الشرعية من حفظ حقوق الإمامة، وتأكيد الاجتماع عليها، والسير على نهج سلف هذه الأمة متمسكين بكتاب الله جل وعلا، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، منذ أن قامت في أدوارها الأولى، واستمرت عليه في عهد المؤسس الباني المغفور له بإذن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب ثراه، وأسكنه الجنة-، ومرورًا بعهد أبنائه البررة الميامين، وإلى هذا العهد الزاهر الزاخر بالخيرات وكل ولاة أمرنا يؤكدون نهجهم في تقريب العلماء، والرجوع إليهم، وحفظ حقوقهم.

تشويه الصورة وإسقاط الهيبة

وشدد الميمن على أن من دلائل هذا الحدث أن هذه الشهادة تحملنا مسؤولية مضاعفة في التماسك والتعاضد والتكاتف مع ولاة أمرنا -أيدهم الله- وعلمائنا، والحوادث تؤكد أننا إنما أتينا من قِبل إهمال هذا الأصل الأصيل، والمرتكز الرئيس الذي هو مقصد من مقاصد الشريعة، وعليه المعول في سلامة الرأي، وقوة الموقف، والبعد عن الفتن، واللحمة الوطنية التي تحصن بإذن الله شبابنا من الانجراف في متاهات الانحراف، بل إن المتأمل لواقع الأفكار المنحرفة وتداعياتها يجد أن من أبرز الأساليب التي اتكأ عليها دعاتها ومنظروها تشويه صورة العلماء، وإسقاط هيبتهم ومكانتهم، والتجاسر على غيبتهم ونقدهم، حتى فقد شبابنا المرجعية، وصدروا عن المجاهيل ومن لا يعرفون بالعلم، مع أن علماءنا قد قالوا كلمتهم وأفتوا بخطورة ما أقدم عليه شبابنا في مسائل كثيرة، فما أجدرنا أن نستفيد من هذا الدرس أن هؤلاء العلماء الذين كتب الله لهم القبول، وشهد لهم القاصي والداني بعلمهم وعمق فهمهم وسداد رأيهم هم أولى الناس بأن نلتف حولهم، ونقدر لهم غيرتهم على الدين والوطن، والانطلاق من الأصول الشرعية التي تقتضي تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، وارتكاب أدنى المفاسد لدرء أعلاها.

وثالث هذه الوقفات -والحديث للدكتور الميمن- هو ما كان سببًا لهذه الشهادة، وهو الموقف من هذا الحزب المقيت الذي يتاجر بالدين، ويتلاعب بالعواطف، وتتكشف الأيام عن الحقد الدفين، والمنطلقات الصفوية التي تحرك هذا الحزب، حتى ولغ في دماء إخواننا في الشام وأعراضهم، وأفسد في أرض المسلمين باسم الإسلام، وقد كان موقف علمائنا مشهودًا في التحذير منه منذ بداياته، وخالفهم حينها الشيخ القرضاوي، بل وخاصمهم كما قال فضيلته، وتظهر الأحداث أن موقف علماء المملكة أكثر نضجًا، وأن الخداع الذي مارسوه المدافعون عن الحزب هو الذي أخفى حقيقته على بعض العلماء، ومن هنا فإن هذا الموقف الذي وقفه العلماء هو جزء من دعم المملكة العربية السعودية بعلمائها وولاة أمرها للقضية السورية، والذي اتخذ كل أشكال الدعم والمساندة حتى بدا ظاهرًا للعيان لا ينكره إلا مكابر أو جاحد، ومسؤوليتنا أن نلتف حولهم، ونصدر عن رأيهم، ونحقق النصرة من خلال هذه الأصول، أخذًا بالتوجيه القرآني: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.

وختم الدكتور الميمن بالدعاء لولاة الأمر، وقال: «بارك الله في علمائنا، ووفق ولاة أمرنا، ونسأل الله أن يحفظ علماءنا، ويوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن ينصر إخواننا المسلمين في بلاد الشام، ويرفع عنهم ما حل بهم، ويكشف ضرهم، ويحقن دماءهم، ويجمع شملهم، إنه سميع مجيب».

البحث عن الحق وتصحيح الآراء

من جهته، أكد الدكتور صالح بن عبدالعزيز المحمود رئيس قسم الأدب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن كلمة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول موقف علماء المملكة من حقيقة حزب الله، أمر غير مستغرب من فضيلته، فعلماء المسلمين يبحثون عن الحق باستمرار ولا يضيرهم اتباعه وتصحيح آرائهم، وأن الرجوع إلى الحق وجادة الصواب يزيدهم هيبةً ووقارا. كما أشار الدكتور المحمود إلى حزب الله بقوله: إن أعمال ما يُسمى بحزب الله تتنافى مع الدين الإسلامي وكل القيم الشريفة والنبيلة، وأن ما أقدم عليه في سوريا يعد تجاوزاً دينياً وأخلاقياً ينافي الشعارات البراقة التي يرددونها باستمرار. وأكد المحمود على أن سياسة المملكة العربية السعودية تتصف بالوسطية والتأني في الحكم على الأمور، وكذلك علماء المملكة الذين يتخذون الوسطية منهجاً لهم، فكلمة فضيلة الشيخ القرضاوي التي ألقاها بالمهرجان الذي أقيم بدولة قطر لنصرة الشعب السوري والتي جاء فيها قوله: (تبين لي أني خدعت وأني أقل نضجاً من علماء المملكة الذين كانوا يدركون حقيقة هذا الحزب)، تنبع بالصدق والصراحة، وهذا الموقف ليس بمستغرب من الشيخ يوسف القرضاوي كونه عالماً ربانياً يبحث عن الحق باستمرار ولا يخجل من اتباعه.

غايات سامية وسلم أمني واجتماعي

في ذات الاتجاه، بين الدكتور سعد بن عبدالقادر القويعي أن موقف الشيخ القرضاوي ورجوعه إلى الحق مبادرة تستحق منا الشكر والتقدير موضحاً أهمية هذا الموقف بقوله: عندما يثني -فضيلة الشيخ- يوسف القرضاوي على موقف علماء المملكة، وعلماء أهل السنة، ويعتذر بأن خالفهم سابقا بتأييد ما يسمى حزب الله، فإن هذه الإشادة تعكس -بلا شك- مواقف علماء المملكة في إيضاح حقيقة الإسلام، وغاياته السامية تجاه الحياة، والقضايا الجوهرية للسلم -الأمني والاجتماعي-.

فيما سبق، كان - الشيخ - القرضاوي - على مدى خمس وعشرين سنة -، لا يفتأ عن ذكر الثورة الخمينية بكل خير، ويصف طبيعة الخلاف، بأنه: «سياسي لا عقدي». وأن الثورة نابعة من روح الإسلام، وأن الخلاف معها في الفروع، لا في الأصول، وفق شعار الإخوان المسلمين: «أن نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه». وأن الإسلام ركزا على نقاط الاشتراك بيننا وبينهم، لا على نقاط الاختلاف. وقال مع أنني أتفهم: أن قضية المصالح والمفاسد، والموازنة بينهما، هي المدخل إلى فقه الواقع الذي نعيشه، إلا أن هذا الموقف من الشيخ، والثناء، والفرح، لا يدخل -أبدا- في باب التحالفات المؤقتة، التي تحكمها المصالح، ويكون فيها نفعا عاما للمسلمين. ولفت الدكتور القويعي إلى أنه «بعد أن تكشفت الحقائق، يأتي التاريخ؛ ليعيد نفسه، ويخبرنا: أن إيران -كانت وما زالت- تعمل على توسيع نفوذها داخل، وخارج منطقة الخليج العربي. وكشفت عن شعارات الثورة الخمينية، وأطماعها في المنطقة؛ ليعيد الشيخ القرضاوي كلمته، ويصدع برأيه إزاء تلك القضايا، وتجاه النوازل، والمستجدات، متصدرا عن قول علماء المملكة، متكئا على دراية بالأصول العلمية، مع تصور تام للوقائع الجارية، والنظر إلى المآلات، والأحكام، وتنزيلها على أرض الواقع، ومراعاة للمصلحة الراجحة المتحققة لا الموهومة، واستيعاب لمصالح الشريعة؛ لتحصيل الخير، ودفع الشر. وختم القويعي بالتأكيد على أن «موقف علمائنا من تراجع الشيخ القرضاوي عن آرائه السابقة، غاية في الحكمة، حين مدوا جسور الود معه، وانفتحوا على تراجعه بلا ازدراء، ولا تحقير، ووسعوا مساحة المشترك دون وصاية فكرية، أو بما يتنافى مع آداب الحوار، ويتجاوز حدود اللياقة. إذ إن إنصاف المخالف، والعدل معه، ونقده بالحق، مع ذكر محاسنه، ركيزة من ركائز فقه الاختلاف؛ ليكون اختلافنا اختلاف تكامل، لا اختلاف تضاد. وذلك في المسائل التي تتجاذبها الأدلة، ويكون لها حظ معتبر من النظر. وقال: «بقي أن نقول إن علماءنا الربانيين لم يكونوا بعيدين، أو مغيبين عن قضايا الواقع، ومستجدات العصر، بل كان لهم دور بارز في علاج النوازل، والحوادث، والعناية بها، فهم من تحسسوا أسبابها، وتبصروا مقدماتها قبل وقوعها، بما أنيط بهم شرعا، وعقلا؛ لمكانة علمهم، وقوة بيانهم، وغلبة حجتهم المستمدة من نصوص الكتاب، والسنة، ونظرهم في العواقب. وهم أنصار شرع الله، ومن وسائل حفظ الشرية، فبينوا للناس الحق من الباطل، والهدى من الضلال.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة