ليس إلى الشمال فقط كما هو عنوان رواية الطيب صالح، ولكن شمالاً وغرباً وجنوب شرق حيث يحزم الملايين حقائبهم في رحلة التخفف من ضغوطات الحياة وأعبائها، بحثاً عن أجواء باردة وسياحة مختلفة. لقد حل الموسم ومؤشر بوصلة المسافرين ما زال مبتعداً عن وجهات عربية مشرقية كانت مفضلة بالأمس وغدت محذورة اليوم.
العواصم الغربية تنتظر قدوم أفواج السياح العرب والخليجيين خاصة، لما يعرفه أولئك عنهم من أنماط استهلاكية ونهم للتبضع، عدا عن التهافت على مقاهي الشيشة لمن أدمنوا عليها. أما من شحنوا معهم سياراتهم الفارهة للتبختر بها في جادة (الشانزليزيه) أو طرقات لندن وغيرها من الحواضر الغربية مع حصد الغرامات المرورية من قبل بعضهم، فهذه مشاهد لا تضيف إلا مزيداً من التشويه لصورتنا أمامهم.
ليت مديرية الجوازات لدينا تقوم بعمل كتيبات تثقيفية وتوعوية يقوم بصياغتها كتاب وأصحاب أقلام رصينة، ومع كل جواز يختم من قبل رجل الجوازات يقدم هذا الكتيب، على أن يكون بطباعة فاخرة محتوياً على صور أو لوحات مرسومة تشد عين القارىء وتشجعه على قراءة الكتيب، كما نراه من دور النشر الأجنبية التي جعلت الكتاب وكأنه زجاجة عطر باريسي فاخر أو علبة شوكولا سويسرية مرموقة، على أن تتبنى كبرى الشركات الوطنية والكيانات التجارية لدينا تنفيذ هذا الكتيب مستفيدة منه في الدعاية لها، وبذلك لا تتكلف مديرية الجوازات الا بتوزيع هذا الكتيب والتنظيم الجيد لذلك.
ان من طبائع البشر الغفلة أو التغافل، والنسيان أو التناسي، ولذلك قال العزيز القدير (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين). لذا فكتيب يحوي معلومات عن البلد المقصود موجزة وميسرة، عن أهم قوانينه فيما يخص الزوار والسائحين، وأهم معالمه السياحية والحضارية، اضافة إلى بعض التبصير والتذكير بأن المسافر سفير لبلده وممثل له يعرف الشعوب الأخرى به دون أن يشعر، بسلوكه في الشارع والمطعم والمقهى والفندق وأينما اتجه، يعمم ذلك الشعب أياً كان ما يصدر منه على صورتنا كلها، لأن التعميم طبع للشعوب الا القلة الواعية.
السفر صحة للأنفس وازالة لغبار الركود، وصقل للتفكير وترويح للقلب، اذا تزين المسافر بلباس الاخلاق خاصة أخلاقيات التعامل مع كل من وما يحيط به وهذا جوهر الدين، وما يتم في الخفاء أمر بين العبد وربه يحاسبه عليه أو يغفره له.
الأجانب أو (الخواجات) انما تجد غالبهم يركزون على مسألة التعامل اليومي وهذه بتأثير المدنية وسيادة القانون لديهم بتراكم الزمن، لذا تجد صورة الغربي أنه ملتزم بالطابور والنظام واتباع التعليمات، بينما (فئة) منا الله أعلم بحجمها تنظر إلى هذه المسألة - على أهميتها - شزراً، وهذا وبالذات بالنسبة للمسافر أمر في غاية الأهمية والخطورة أحياناً. ثم ألا نمثل أمة تكلم الله سبحانه بلغتها وأنزل عليها رسالته؟
كل ذلك وغيره يمكن تذكير الغافل به وتوجيه نظر الغرب إليه، سفراً سعيداً وعوداً حميداً وصحبكم الله أينما حللتم.
omar800@hotmail.comتويتر @romanticmind1