قرناء السوء، نقص الوازع الديني، انعدام التربية الاسرية، اهمال الوالدين واولياء الامور والمسؤولين، تقصير الاعلام، الى آخر هذه المصطلحات التي تأتي تعليقاً على حدث أو موقف شبابي يرفضه المجتمع، ستقرأ الجديد منها بصيغ متلونة الاّ انها تدور في ذات الفلك، وتغلفها القناعات نفسها التي تخامر عقولنا ونأبى ان نفكر بمجرد تحليلها وتفكيكها في محاولة لفهم ما اذا كانت دقيقة او انها تحتاج لتعديل في معانيها داخل مداركنا؟ لم اقرأ ولو لمرة تعليقاً على حدث يعترف به احدنا بتقصيره ولو بنسبة ضئيلة، دائماً نضفي على انفسنا النزاهة ولا نتورع ان نلقي التهم على الآخرين في أي موقع كانوا، هي طبيعة وغريزة بشرية غير ان العقل والمنطق يفرض علينا ان نتعامل معها بقدر وميزان، حبنا لذواتنا لا يجب ان يعمي عيوننا عن ان للآخرين ذوات ويحبون لأنفسهم ما نحب، كما نكره ان يصفوننا بعيب وتقصير ليس فينا، لنأخذ مثالاً صور بعض الفلتان السلوكي الاخلاقي التي تبدر من بعض المراهقين والفتيان، لو اطلعت على التعليقات في المواقع الالكترونية واستمعت لها في بعض المجالس ستلاحظ انها لا تخرج عن التصنيفات سالفة الذكر، ويزيدون بأن مرتكبي تلك التصرفات من المراهقين والشباب لهم أسبابهم وظروفهم التي حدت بهم الى تلك الحالة من الاحباط والتهور الخارج عن اطر الآداب والذوق العام، كمن يمتطي ظهر سيارة تسير بسرعة عالية في طريق سريع داخل العاصمة ويبدي حركات بهلوانية ويعبث بهاتفه في تصور منه ان هذا مما يضحك او انه ابداع لم يسبقه اليه احد من العالمين، دون أن يدرك حجم الخطر المحيط به وبعابري الطريق، وفوق كل هذا خطر تجاوز الآداب العامة وآداب الطريق والتعدي على الأنظمة، واستدعاء عقول الصغار للتقليد ومحاولة ارتكاب المخاطر بمزيد من الاستعراضات القاتلة، وهو ما حدث سابقاً في ما يسمى (التفحيط)، فقد كانت البدايات متواضعة وتزايدت مع توفر المشجّعين من المعجبين بصور المغامرة والمناورة بالسيارات من صغار السن (وصغار العقول) حتى باتت ظاهرة مقلقة للجميع واستدعت الوقوف أمامها بحزم وقوة بعد ان حصدت الارواح واعاقت الاجساد واهدرت الاموال والطاقات الشابة، هناك من يبرر هذه التصرفات بتزايد البطالة والفراغ لدى الشباب، فكيف يفسر من يقول بذلك ان من بين المقبوض عليهم من مرتكبي هذه الممارسات موظفون مدنيون وعسكريون وطلاب، وبأعمار تتجاوز الخامسة والعشرين بل ان كهلاً قبض عليه قل شهور (يفحط) بأحد المواقع بالرياض، كثير من الواقعيين يرون ان ذلكم انما نتيجة لانعدام البدائل للتفريغ الشبابي والتنفيس عن طاقاتهم، مطالبين بإنشاء وتحديد اماكن خاصة بممارسة الانشطة الشبابية الاستعراضية وهواياتهم تحت رقابة واشراف متخصص وتوفير وسائل السلامة بهذه المواقع، وبأساليب تعكس الصورة الحضارية لشباب المملكة وتقوي الثقة بأنفسهم وانهم ليسوا باقل من غيرهم في المهارات والابداع، بعيداً عن مواطن الشبهة والتصرفات المنحرفة، كما ارتفعت اصوات تنادي قنواتنا الرياضية الفضائية المتعددة ان تتطوع بتخصيص وقت مناسب للتوعية بهذه الجوانب الهامة في حياة الناشئة، وعدم الاكتفاء بالتركيز على كرة القدم والتفصيل الدقيق فيها على حساب العناصر الاخرى من رعاية الشباب.
t@alialkhuzaim