عرضت صحيفة (الوطن) الصــادرة يوم الاثنين 17-7-1434هـ وفــي صـدر صفحتها الأولى - عرضت صورةً بشــعة لطالبين بإحدى مناطق المملكة - يبدو أنهما خرجا للتو من اختبار فاشل ليشتركا في إحراق كتاب لأحد المقررات، وقد تقاسما ابتسَامة عريضة تنبئ عن شيء من فرح لا لأنهما أفلحا في التعامل مع أسئلة الامتحان بنجاح، ولكن لحاجة في نفسيهما الله وحده أعلم بها! وكان هناك طالب ثالث يقف غير بعيد عنهما لم يشاركهما خطيئة (إعدام) الكتاب بالحرق، لكنه كان يضحك بملء فيه تعبيراً عن تأييد لزميليه وما أتياه من فعل سقيم!
***
- والحق أن مشهداً كهذا ساءني كثيراً، رغم يقيني أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي (يُحمّل) فيها كتاب مدرسي (وزر) إخفاق طالب في مادة ذلك الكتاب أو سواه. وانثالت في خاطري وقتئذ الرؤى التالية:
1 - عجبت وما برحت أعجب كيف تدنّت الأخلاقيات لدى بعض طلابنا إلى حد إحراق كتاب مدرسي لا (ذنب له) سوى أنه مشْعلُ نور يبدد ظلمات جهلهم، وبدلاً من أن يُجِلُّوا ذلك الكتاب فيحفظوه ضمن مقتنياتهم أو يعيدوه إلى إدارة المدرسة ليستفيد منه مَن هو في حاجة إليه، إذا هم يحكمون عليه (بالإعدام) حرقاً إمّا (انتقاماً) لجهلهم، أو ممن يرونه (سبباً) في فشلهم في الامتحان!
***
2 - مَنْ يدري كم كتاباً من قبل أحرقه هذان الطالبان أو سواهما في غير زمان أو مكان أو قذفوا به في برميل النفايات، أو أغرقوه في بئر أو يمِّ، أو مزّقوه تمزيقاً!
***
3 - وإذا كان ذلك الكتاب يحمل مادة دينية بين دفّتيه، فكيف يجرؤ هؤلاء الصبية أو سواهم على تعريضه للإهانة إثْما وعدواناً، وهو يحمل اسم الله وشيئاً من آياته البيِّنات أو أحاديث رسوله الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام!
***
4 - إن خطيئة (إعدام) كتاب مدرسي على هذا النحو في أيّ وقت أو في أيّ مكان لهُوَ إثم، والعذر فيه، إن وُجِدَ، أقبحُ من إثمه! ومن ثم يجب ألاّ يمرَّ حدث كهذا بلا ردع ولا عقاب، ليس لقيمة الكتاب وحده فحسب، ولا لما يرمز إليه من معرفة وفضائل وقيم، ولكن لأنّ عبثاً كهذا يفصح عن تردٍ خلقيّ لدى منتهك كرامة المعرفة وهيبة العلم وسمعة الجهة (التربوية) التي منحته إياه!
***
5 - اقترح إخضاعَ هذا السلوك المشين لعدد من الضوابط ردْعاً لفاعله، وحفظاً لكرامة الكتاب، من بينها ما يلي:
أ- إلزامُ كل طالب (وطالبة) بالحفاظ على كتب المقرر الدراسي سليمة بلا عبث ولا أذى، وصيانتها وتسليمها لإدارة المدرسة في نهاية العام الدراسي، ويمكن أن يقترن ذلك بحافز ما، مثل أن تُحتسَبَ (له أو عليه) نقـاط من التقييم السلوكي الذي يمنح في نهاية العام.
***
ب - إيقاعُ عقوبة رادعة على من يُضبط متلبساً باقتراف عبث كهذا، ليكون عبرة لمن سواه!
***
ت - وضع صندوق في فناء المدرسة لإيواء الكتب القديمة، حفظاً لها من العبث تمْزيقاً أو حرقاً أو تشويهاً، ويمكن الاستفادة من ورقها من قبل مؤسسة أهلية تتعامل مع صناعة الورق ليُصارَ إلى تدويرها صناعياً، وإعادة إنتاجها ورقاً.