يقول الآباء والأجداد بأن المعرفة الحقيقية للإنسان أن تسافر معه لتنكشف لك جوانب شخصيته، ولهذا يعتبر السفر في عرف الآباء والأجداد مدرسة تكشف عن شخصية المسافر ومن يرافقه ويتعلم منه الناس الهوية الواضحة للمسافرين، قال أحدهم إن فلانا رجل طيب، فقيل هل سافرت معه قال: لا.. فقيل أنت لا تعرفه، لقد قالوا عن السفر إنه الصفحة التي تقرأ من خلالها وضوح البيان عن أنماط شخصية الإنسان فتتضح لكم طبائعه وتتبين لكم أساليب حياته وانفعالاته وتقلبات سلوكه، ولهذا قالوا:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هما واكتساب معيشة
وعلم وآدأب وصحبة ماجد
ولهذا، فإن صحبة الأماجد من فوائد السفر المهمة والأماجد هم أولئك الأشخاص الذين تتعرف عليهم لتكتسب منهم الفوائد الجمة والثقافات الجادة وتأخذ من خصالهم الشيء الكثير، ضرب أحد المسنين مثلاً في روعة الاستفادة من السفر فقال:
(سافرت مع أنماط من الناس فوجدت أن أفضل الناس من إذا سافرت معه صار لك عوناً في وعثاء السفر والصاحب الذي لا تمل حديثه فيكون السفر معه سهلاً ميسراً).
إن الكثير من المسافرين الذين يقطعون الفيافي والقفار لم يجدوا في سفرهم المتعة والفائدة لأنهم لم يجدوا الصحبة الحقيقية التي تملأ أجواء رحلاتهم بتلك الفوائد والمنافع؛ لأنهم لم يصلوا إلى الصاحب المجد والرفيق المجتهد لتتحقق المنفعة والفائدة، وفق الله كل مخلص نزيه يعمل بعقلية متزنة ويختار الصحبة النافعة والمفيدة.
- الرياض