هي مشاهد ومواقف تكفي لأن تكون شواهد للموضوع مدار الحديث تختصر الكثير من الكلمات والسطور، فبين ثناياها المعنى الأجمل والموجز.. إليكم نماذج منها: امرأة مسنّة تخبر قسيساً في بلادها بأن صاحب سيارة الأجرة المسلم لا يأخذ منها أجرة التوصيل ويعبّر لها بأنها كوالدته، وأن السائق المسيحي يأخذ منها أجرته حتى وهو يعلم أنها تتجه إلى الكنيسة للعبادة على اعتبار أن هذا مقابل عمله، هي لم تعتب على من يأخذ الأجرة بقدر تعجبها من تصرف المسلم! قال لها القسيس في المقطع المصوّر الذي شاهدته: (هذا أمر طبيعي فإن الأخلاق الحميدة لدى غالبية المسلمين أقرب للمسيحية الحقَّة، وأكثر هؤلاء السائقين - المسيحيين - لم يذهبوا يوماً للكنيسة، فهم يفتقدون إلى الرحمة والخير والعطاء، كان الأحرى بهم أن يساعدوا هذه العجوز على قضاء حاجاتها أو إيصالها إلى المكان الذي تقصده أو إلى باب المصعد أو الشقة، إن هذه الأعمال ترضي الله، والغريب أن ما يرضي الله هو ما يقوم به المسلمون المتحضّرون، والمسيحيون لا يعملون ولا يقومون بالأعمال التي ترضي الله، إذاً من هو الأقرب إلى الله؟ لذلك أنا أرى إن المستقبل للمسلمين، هم من سيرث الأرض ويعمرها، لأن المسيحيين لا يهتمون الآن لأمور دينهم كالمسلمين، في الوقت الذي يجتهد به المسلمون بإقامة شعائرهم على أكمل وجه من صلاة وصيام، وعند أدائهم لصلاة العيد يرهب الناس المرور بين أيديهم وفي أحيائهم، ليس إلا من منظرهم المهيب، الألوف ساجدون بتذلّل إلى ربهم، المشهد الذي نفتقد إليه نحن المسيحيين فلا نرى إلا العجائز من النساء في الكنيسة). هذا نص رد القسيس على ملاحظة المرأة لا يحتاج المزيد من التفسير والشرح، نأخذ معناه المجمل وشهادته للمسلمين أو عامتهم بأنهم ما زالوا على الخير وأن مزيداً من الخير في انتظارهم ما داموا ملتزمين بالعهد الذي بينهم وبين خالقهم متحدين ويحبون مكارم الأخلاق.
في حائل شمال السعودية مشهد وشاهد آخر، إذ نقلت الأخبار أن فتاة أجنبية تعمل لصالح إحدى الأسر هناك أعلنت إسلامها طواعية وعبّرت عن عظيم شكرها بأن هداها الله سبحانه للإسلام، موضحة أن التعامل الأبوي من رب الأسرة وزوجته معها منذ قدومها للمملكة قبل ستة أشهر من إسلامها، وكذلك التعامل الحسن والرائع من زوجته مع أبنائه من زوجته المتوفاة أشعرها بروحانية الإسلام العجيبة وبالرحمة الغامرة بين أفراد الأسرة وحبهم لبعض، مما جعلها تفكر بأن هذا أمر له ما بعده من القيم الحميدة، وأنه بتعاون الزوجين معها تفهّمت مقاصد الشريعة الإسلامية واقتنعت بالإسلام ديناً قيماً، فلبّت نداء الضمير الحي لأن تكون من الناجين بإذن الله الفائزين برضاه والجنة، هذه الفتاة النابهة كانت صادقة مع نفسها فوفّقها الله للخير، وإلا فإن بيننا آلاف العاملين ونعاملهم بالرحمة والعطف واللين لكنهم رأوا في لطفنا ضعفاً فاستهانوا بنا، بل كادوا لنا في عقر دارنا ومارسوا معنا صوراً من اللؤم والجحود وكنا وما زلنا معهم من الصابرين، فالصور الناصعة تنبئ عن نفسها.
t@alialkhuzaim