لم تحتج الإدارة الاتحادية الحالية إلى الكثير من الوقت كي تعيد الأمور إلى نصابها.. ففي مدة لا تتجاوز الستين يوماً - على ما أعتقد -.. استطاعت أن تقدم سلسلة قيّمة من الدروس والمحاضرات العملية والنظرية في كيفية: كيف يمكن أن تكون مهاباً أولاً، ومن ثم كيف تجني ثمار تلك الهيبة.

ولأنه لابد للجرّاح من استخدام المشرط كي يصل إلى موضع الداء المراد استئصاله.. فقد بدأت أولى عملياتها الجراحية باستئصال (ورم الأقطاب) المستشري في جسد الفريق منذ سنوات سواء على المستوى الشرفي، أو الإداري، أو العناصري.

ثم أتبعتها بأجرأ عملية تاريخية اتحادية تهيّبت وعجزت كل الإدارات السابقة عن مجرد التفكير في إجرائها على الرغم من اتضاح الحاجة إليها، والمتمثلة بتخليص الفريق من العناصر المستهلكة.. بخاصة تلك التي أضحى ضررها أكبر من نفعها، ولا سيما عندما تتجاوز تلك العناصر نطاق وحدود المطلوب منها إلى ما هو أبعد وأكثر ضرراً، ليس على مستقبل الفريق فحسب، وإنما على مستقبل الكيان بأكمله.. وذلك من خلال العمل على استغلال نفوذها الجماهيري بغية الهيمنة على القرار، ولا سيما وقد نجحت كثيراً في تكييف العديد من القرارات التي تصب في خانة مصالحها الخاصة، وتزيد من مساحة نفوذها أكثر وأكثر، وبالتالي تمكينها من الاستحواذ على دفة القيادة بالكامل، أي الامر الناهي، مدعومة ومسنودة من بعض الأقطاب الشرفية المعروفة بمساعيها ومواقفها الرامية إلى تعكير المياه الاتحادية، وبقاء الأمور على أعلى مستوى من الارتباك وبالتالي عدم القدرة على الرؤية الصحيحة وتحديد مواضع الداء.. في سبيل أن تظل في صورة المنقذ المنتظر لولا أن القرارات الشجاعة الأخيرة للإدارة الاتحادية قد نسفت تلك (الأعشاش) بمحتوياتها من البيض الفاسد.

ستون يوماً كانت كافية للعميد كي يعيد صياغة أموره بتقديم فريق مهاب ومحترم لا أقطاب فيه ولا رمزية ولا مراكز قوى.. فريق شامل ومتكافئ الخطوط، بعضه يخدم بعضه الآخر، والجميع يخدم الجميع فكانت الثمرة بطولة كبرى والحصول على بطاقة التمثيل الآسيوي للموسم القادم بعد أن كانت في حكم المستحيل بالنسبة له؟!.

ستون يوماً اتحادية كانت كفيلة بتقديم الكثير من الدروس العملية على أن العمل، والعمل فقط، هو إكسير النجاح وليس (الهياط) والبهرجة الإعلامية التي لا تحقق بطولة ولا تصنع فريقا.. ستون يوماً اتحادية كانت كافية لصناعة فريق جُلّه من الشباب الواعد الذي اكتسح أول وثاني وثالث الدوري.. بينما هناك من الفرق من أمضى (ست عشرة سنة) يسمع عن البطولات ولا يعرف لها لوناً.. جماهيرها تلهث وتتنقل بأسمالها من مدرج إلى آخر، تدعم هذا الفريق، وتساند ذاك لا حباً ولا شفقة، ولكن تسولاً وبحثاً عن خدمة تقدمها تلك الفرق لفريقها بتمكينه من المشاركة آسيوياً.. هذا هو الفرق بين الكبار وبين الصغار.

مبروك للعميد، وحظاً باسماً لليث.. ولا عزاء لجماهير (المسيار).

ذكاء (بينات) وغباء (برودوم)!!

إشارات (ناصر الشمراني) لمدربه (برودوم) احتفاء بتسجيل أهدافه في المرمى الاتحادي.. كانت من وضوح المعنى بحيث لا تحتاج إلى أي تفسيرات من أي نوع سوى أنها كانت ترجمة حرفية لمعاناته طوال ما مضى من وقت المباراة.. فالإشارات تعني أنه كلما كان يطلب من المدرب المسارعة بإشراكه، كان يرد عليه بإشارة (اجلس) وظل على تلك الحال إلى أن خربت (مالطا)؟!.

نعم.. برودوم كان في منتهى الغباء حين كابر وراهن على مهند العسيري صاحب الخبرة المحدودة في مثل هذه المواقف على حساب ناصر الشمراني الأكثر خبرة، والأكثر فاعلية بدليل نجاحه في التسجيل من فرصتين، ويبدو أن برودوم كان يهدف إلى استنزاف جهد الفريق الاتحادي ومن ثم مباغتته بالتبديلات الرابحة بدلاً من المبادرة بالبحث المبكر عن التسجيل.. غير أن (بينات) كان أكثر ذكاءً منه فلم يمهله حتى ينفذ رؤيته، فعمل على تحقيــق النتيجــة وتأمينها بأسرع وقت ممكن كي يسير الأمور بعد ذلك حسب مقتضيات الموقف، وبعد أن يضع منافسه بين المطرقة والسندان، ويصعّب عليه المهمة وهو ما حدث تماماً.