كتبت قبل ثلاث سنوات تقريباً عن فكرة إلغاء نظام الكفيل ( في سبتمبر 2010م) و في ظل الحملة الجديدة المتعلقة بالتأكد من هويات المقيمين ونظاميتها وفق نظام الكفيل الموجود في المملكة، أجده مناسباً تكرار المقال/ الفكرة المطالبة بإلغاء نظام الكفيل الحالي. السؤال الافتراضي هو هل يقود إلغاء نظام الكفالة إلى تقليص حجم العمالة الأجنبية بمختلف مستوياتها في المملكة؟
إلغاء نظام الكفيل لا يعني فتح السوق كما يتوقع بعضهم لكل من أراد دخول المملكة دون ضوابط كافية، فهناك دول كبيرة لا يوجد لديها نظام كفيل مثل نظامنا، ومع ذلك فهي تتحكم بأعداد الداخلين إليها، وذلك عبر ما يعرف بتصريح العمل. حيث الدخول للبلد يصاحبه الحصول على تصريح عمل أو تصريح دراسة أو تصريح تجارة أو غير ذلك، سواء كان تصريحاً مستقلا كما تفعل بعض الدول أو موجودا ضمنا من خلال تأشيرة الدخول. السؤال هنا هل يمكن منح تصريح عمل أو زيارة للزائر وعدم ربط ذلك بوجود كفيل يعود له؟
بعضهم يرى صعوبة تطبيق الفكرة في بعض المستويات كالسائقين والخدم والعمالة العادية، لذلك يقترح التدرج في التخصصات المهنية فربما يقود ذلك إلى وجود تنافس محلي في الحصول على الوظيفة بين الجميع، وقد يجبر صاحب العمل على استقطاب السعودي للعمل. الأمر بهذه البساطة سيقود إلى إغراق السوق بالأجانب وبالتالي تضييق الفرصة على السعودي، لكنني أرى إمكانية التحكم بهذا الأمر عبر ربط تصاريح العمل بمؤشر الفرص الوظيفية المتاحة في التخصص أوالمهنة، فعلى سبيل المثال يتم تصنيف المهن ويكون لدى كل مهنة مؤشر بطالة في حالة تحول ذلك المؤشر إلى موجب (توجد بطالة في التخصص) يوقف منح تصاريح العمل في ذلك التخصص من قبل السفارات السعودية، وهكذا تصبح آلية التحكم لدخول الأجانب في تخصص معين مرتبطة بحجم البطالة أو الاحتياج في ذلك التخصص أو المهنة. ويسري هذا الأمر على تجديد تصاريح العمل بحيث تربط بتوفر فرصة العمل وفق مؤشر العمل بالمهنة المعنية، ويصبح من السهولة تسجيل جميع العاملين بيانات عملهم خلال فترة محددة، وإلا حرموا من تجديد التصريح وبالتالي الإقامة.
بهذه الطريقة نحن سنلغي نظام الكفالة، على الأقل مرحلياً في المهن المتقدمة، وسنعيد مهمة وزارة العمل من جهة منح التأشيرات إلى جهة تنظيمية تنسيقية تملك قواعد المعلومات والمؤشرات التي من خلالها تصل الرسالة أو الموافقة على التأشيرة إلى السفارات السعودية أولا بأول في منح تأشيرات عمل في تخصصات معينة أولا، ربما دون الاعتماد على الوسطاء مكاتب التعاقد والسمسرة المنتشرة في الخارج.
وزارة العمل ستتعامل هنا مع السفارات مباشرة وليس مع الأفراد والمؤسسات والمكاتب، وسيجبر طالب العمل وصاحب العمل على المشاركة في قواعد البيانات التي تبنيها الوزارة وسيفيد الجهات التدريبية لمعرفة الاحتياجات من خلال مؤشرات العمل..
طبعاً الأمر يتطلب تفاصيل تنظيمية وقد يتم بشكل متدرج وبالاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا الشأن. والأهم من ذلك يتطلب طرقا وآليات مختلفة في التفكير والتعامل بما في ذلك التزام الجهات المعنية بالتطبيق بحيث لا يسمح لأي كان بالعمل دون أن يكون لديه تصريح عمل، ولا يسمح للأجنبي البقاء أكثر من مدة محددة داخل المملكة ما لم يكن لديه عقد عمل موثق وفي المهنة التي صرح له بالعمل فيها..
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm