أُعلن الأسبوع الماضي أن هناك 15 ألف مقيم يحملون إقامات مدون فيها مهنة (مهندس) قاموا بالتنازل عن تلك الإقامات مقابل الإقامة النظامية في البلد. وكشف رئيس الهيئة السعودية للمهندسين، أن هؤلاء جاءوا طواعية إلى هيئة المهندسين وتبرأوا من مهنة الهندسة،
وطلبوا تعديل مهنهم إلى مهن أخرى، وذلك على خلفية حملة الهيئة للكشف عن الشهادات المزورة في الهندسة. وقد أكد رئيس الهيئة أنه سيتم الرفع مباشرة إلى الشرطة في حالة الكشف عن أي شهادات مزورة، مفيداً أنه تم اكتشاف 1050 شهادة مزيفة حتى نهاية شهر أبريل الماضي، كما أعلنت وزارة التعليم العالي خلال الأسبوع الماضي أنها أغلقت 330 مكتباً في السعودية كانت تمنح شهادات وهمية قامت بتقديم عشرات الآلاف من الشهادات الوهمية. وعلى الرغم من إغلاق تلك المكاتب إلا أن مثل هذه الخدمات لا زالت تُقدم من خلال الإنترنت.
تصحيح الإجراءات في العديد من المجالات دفع بالمخالفين إلى التوافد إلى الجهات المعنية ومراجعتهم لتصحيح أوضاعهم بعد أن أدركوا أن هناك جدية في الأمر من قبل تلك الجهات، وفي المقابل للاستفادة من فترة التصحيح. وتأتي هذه الخطوة بعدما أصبح الاعتماد المهني من المتطلبات الرئيسة لتجديد الإقامة، مشيراً أن من تم استقدامه بمسمى مهندس يرجع ذلك إلى طلب الاستقدام الذي سبق للكفيل التقدم به للجهات المعنية، مما يجعل هؤلاء يعمدون إلى الحصول على شهادات مزورة والدخول بها إلى المملكة من أجل العمل، وكذلك من أجل استقدام عوائلهم للبقاء معهم، وفي الإطار نفسه عمدت الهيئة السعودية للمهندسين للاتفاق مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني للإشراف على ما تنظمه معاهد التدريب الأهلية من دورات تدريبية.
إن تطوير وتحسين الإجراءات يجب أن لا يقتصر فقط على قضية المهندسين، فالتزوير موجود اليوم في معظم القطاعات المتعلقة بالعمالة وغيرها، ولذلك يجب أن يشمل تطوير تلك الإجراءات بقية المهن مثل الأطباء والفنيين والصيادلة وغيرهم ممن يأتون إلى الوطن بمسميات لا علاقة لهم بها حتى أصبحنا أكبر مركز تدريب في العالم، وذلك من خلال ما يتم اكتسابه من خبرة وتدريب جراء العمل في قطاعات لا تمت بصلة لتلك العمالة الوافدة.
إننا في حاجة ماسة لإعادة تطوير وتحسين الإجراءات ليس فقط أيضاً في مجال تقييم المستوى الفني والعلمي للعمالة الوافدة بل في جميع المجالات القائمة للخدمات التي تقدم من قبل الجهات الحكومية، فنحن في حاجة إلى حملة شاملة تشارك فيها الجهات المسؤولة للتصدي لتطوير الإجراءات القائمة وسد كل الثغرات الموجودة فيها اليوم، والتي تغري ضعاف النفوس لاستغلالها وإساءة استخدامها.
إننا نسمع في كل يوم قيام الجهات المعنية بإغلاق عيادات طبية أو مكاتب تسويق لشهادات علمية أو غيرها من المنشآت والشركات التي تقوم بتقديم خدمات وهمية غير حقيقية، حتى أصبحنا نشعر وكأننا نعيش وسط عصابات من المزورين واللصوص الذين استغلوا مثل تلك الثغرات في الأنظمة القائمة لبث سمومهم واستغلال حاجة الناس لخدماتهم ونهب أموالهم.
إن دورنا يجب أن لا يقف عند غلق مصادر الأوبئة بل يجب أن يتجاوز ذلك للبحث عن الجهات التي صرحت لها بالعمل ومحاسبتها وعن المستفيدين من وجود مثل هذه المكاتب التي تقدم خدمات مشبوهة ومزورة في المجالات كافة، كما يجب علينا أن لا نتراجع عن مسيرة التصحيح، وأن نمضي قدماً في تحسين وتطوير الإجراءات في المجالات كافة، وذلك بصفة مستمرة. فالفاسدون والمفسدون سيواصلون البحث عن الثغرات لاقتناص الفرص، ودور المسؤولين أن يواصلوا تطوير تلك الإجراءات لسد تلك الثغرات وتفويت الفرصة عليهم.