* الأنانية مصدر من « أنا » وتعني الأثرة وحب الذات وعدم التفكير في الآخرين، وهي ضد الإيثار، وتتنافى مع التعاون، ويرد الانسان في شخصيته الأنانية كل شيء إلى أنا، وهذا عيب في شخصية الإنسان الذي يبالغ في حب نفسه والإعجاب بها، وفي التمتع فيما حوله بكل نافع ومفيد دون ما سواه.
* والأنانية غالباً ما تكون بسبب الأغراض الشخصية، وتقديمها على المصالح العامة، وهذه بلية عظمى وسوسة تنخر في كيان المجتمع فتمزق شمله وتصدع صفّه، وهذا من أضر الأدواء في الناس، وهي بلاء يأتي من قبلها الشر على المسلمين.
* وحين تتغلب الأنانية على شخصية الانسان تبعده عن المجتمع وتجعله في منأى عن الرابطة الأخوية وتدفعه إلى السيطرة وحب التملك والمبالغة في حب النفس إلى درجة يصحبها عدم الشعور بالآخرين مهما أصابهم والترفع عنهم، وقد يصل به الحال إلى الكره والحقد والاتهام لغيره.
* وكل إنسان يحب نفسه ويسعى إلى إسعادها، وهذا أمر فطري وجبلي مغروس في ذات الانسان، ولكن ليس بالطغيان والتسلط الذي يجعله في معزل عن المجتمع لا يحب الخير لغيره ولا يسعى في تقديمه لهم، ولا يبالي بمشاعر الآخرين ولا يكترث مما يصبهم، ومن تأمل توجيهات الإسلام وجد أنها تقوم على العمل الجماعي لا الفردي مثل قوله تعالى :»وتعاونوا» «وتواصوا» «يأمرون» «ينهون» «يدعون إلى الخير» وهكذا، وفي هذا دلالة على أن المجتمع المسلم لحمة واحدة ونسيج متكامل.
* لا يليق بعاقل أن تتغلب الأنانية على قلبه، أو تسيطر على نفسه وتصرفاته، لأن الشخص الأناني شاذ في مجتمعه، قليل الصحبة لهم، لا يحب البذل ولا العطاء، ولا يعرف الإيثار ولا السعادة ولا الاحسان، والتعامل معه صعب جداً، لأنه يبالغ في مدح نفسه وفي عرض أعماله، وإظهار جهوده، ولو كان بغير حق، وهذا هو الإفلاس الحقيقي والضعف العقلي، وسبب ذلك الجشع والطغيان والكبر والحسد.
* وعلاج ذلك يكون بتعويد النفس على بذل العمل المتعدي نفعه وترويضها على الأخلاق الفاضلة كالمحبة والإيثار، والبذل والعطاء، وإدخال السرور على الآخرين وترك اتباع الهوى والانغماس في الشهوات والملذات.
- وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية