لا يمكن أن تتمنى دول منظمة أوبك ظروفاً أفضل للسوق النفطية العالمية من الظروف الحالية التي تمثل الأفضل لسوق النفط منذ شهور عدة، من خلال الاستقرار الحالي الإيجابي لأسعار البترول والمعدلات المتوازنة للعرض والطلب في الأسواق العالمية لهذه السلعة الاستراتيجية. وفقاً لهذه الظروف الإيجابية للسوق النفطية الجيدة يجتمع اليوم الجمعة 31 مايو ممثلو ووزراء المنظمة في مدينة فيينا النمساوية في اجتماعهم العادي رقم 163 للتشاور ومناقشة بعض القضايا الساخنة والعالقة التي تهم قطاع النفط العالمي، وبالأخص دول المنظمة.
هذه الظروف الإيجابية للسوق النفطية والتوازن بين العرض والطلب أدت إلى استقرار نسبي في الأسعار؛ إذ استقر متوسط سعر مزيج نفط برنت بحر الشمال 103 دولارات للبرميل ونفط سلة أوبك 100-101 دولار للبرميل خلال الشهرين السابقين، كإشارة قوية إلى نجاح استراتيجية إنتاج منظمة أوبك مدعوماً بأفضل التزام للحصص الإنتاجية من قِبل جميع أعضاء المنظمة منذ سنوات عديدة مضت. وبالرغم من الزيادة الطفيفة في إنتاج المنظمة في شهر نيسان، وبالرغم من الانخفاض الطفيف في استهلاك دول منظمة التعاون والتنمية وزيادة إنتاج النفط الأمريكي من المصادر النفطية غير التقليدية، وبالرغم كذلك من الوضع السياسي المتوتر في منطقة الشرق الأوسط الخاص بالحرب الأهلية في سوريا والحظر الغربي على النفط الإيراني الذي ثبت فشله، وذلك من خلال نجاح إيران في إيجاد مشترين جدد لبيع نفطها لدول في قارة آسيا.
هذا الاستقرار النسبي الإيجابي الذي شهده سوق النفط العالمي خلال الأشهر القليلة الماضية يدل على أن هذه العوامل المذكورة سابقاً لم يكن لها تأثير سلبي كما كان متوقعاً من قِبل بعض المحللين المتشائمين على الأقل في المدى القصير، كدلالة واضحة على نجاح سياسات منظمة أوبك الإنتاجية التي تساعد على امتصاص والتغلب على أي تغيير طفيف في السوق، سواء زيادة أو نقصاناً في الطلب والعرض. نجد هذا التفاؤل كذلك من خلال الاستماع إلى تصريحات بعض وزراء المنظمة في الأيام الماضية، وفي مقدمتهم معالي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي النعيمي؛ إذ أشار إلى أن الأوضاع الحالية هي الأفضل للسوق، وأن الإمدادات وفيرة، والطلب ممتاز، وكأنه يقول إن قطاع النفط العالمي يسير في الاتجاه الصحيح بقيادة أوبك وبتعاون بين المنظمة والمنتجين من خارجها، فلا داعي لتغير المسار. وهذا دليل واضح بأن معالي وزراء المنظمة لن يتخذوا قرارات في هذا الاجتماع لتغيير السياسة الإنتاجية الحالية الناجحة للمنظمة.
وأقول إنه بالرغم من هذه الأوضاع الممتازة، إلا أن المنظمة تواجه بعض التحديات طويلة وقصيرة المدى، يجب على دول المنظمة مواجهتها وتطوير استراتيجيات فعالة من شأنها أن تعالج بعض هذه التهديدات المستقبلية على المدى الطويل، مثل إمكانية نجاح الولايات المتحدة الأمريكية في زيادة إنتاجها النفطي من مصادر النفط غير التقليدية في السنوات الـ 20 المقبلة إلى حد قد يصل إلى اكتفائها الذاتي، وكذلك إمكانية نجاح العراق وفنزويلا في رفع ومضاعفة طاقتهما الإنتاجية الحالية في السنوات القليلة المقبلة. هذه السيناريوهات لا تزال بعيدة عن التحقيق على المدى القصير، مع ارتفاع نسبة تحقيقها على المدى الطويل.
أضف إلى ذلك بعض التحديات التي تواجهها المنظمة على المدى القصير، وأهمها اختيار الأمين العام للمنظمة والاتفاق على مرشح توافقي بين دول المنظمة خلفاً للأمين الحالي سعادة المهندس عبدالله البدري الذي تم تمديد فترة رئاسته للمنظمة بسبب عدم الوصول إلى اتفاق بين مرشحي الدول لهذا المنصب.
www.saudienergy.net
Twitter: @neaimsa