تقول الروائية بثينة العيسى في جزء من روايتها (تحت أقدام الأمهات):
عاشت جدتي لسنوات كفرد من الأسرة الممتدة لعائلة جدي في عالم يجوس فيه الحموان والاعمام والجيران والزوجات الغيورات في بيت يضم الأب والأم والأبناء والزوجات والأحفاد، وربما لو كان كبيرا كفاية لكان هناك متسع لأحفاد أحفادهم أيضاً.. كان حلم والد جدي أن يدشن اقطاعية محشوة بالأقارب ليحميهم من الانتشار والتبدد في جسم العالم، وإذا كانت أسرة جدتي من أوائل الأسر البدوية التي انتقلت إلى حياة الحاضرة إلا أن تكدسهم في بيت واحد قد حول البيت العائلي إلى قبيلة صغيرة يعيش أبناؤها متجاورين وملتحمين ومتحدين ومتوحدين ببعضهم.
قاست جدتي طوال عمرها من كونها فردا في اسرة ممتدة زوجة لأحد أبناء بيت العائلة الكبير ورغم أنها أجادت الأم إلى درجة الاحتراف وسبرت كل أغواره وجربت جميع حيله وتمرست على جملة طقوسه وأتقنت سائر عاداته إلا أنها لم تحبه قط وطوال أعوام زواجها كانت تلتجئ إلى ما لديها من غريزة البقاء لكي تصمد أمام الأعين المحلقة واحتشادات النميمة وحبائل الفتنة وظلال الغيرة والخلافات التي تنشب على هامش صفحة العالم المثالي.