لا أدري ولا أعلم ولا أجد أيّ شعور بالقناعة أن ما يدور في ساحتنا التشكيلية يصبّ في النهر، بل أشعر أن هذا الفنّ أصبح يخرج عن مساره بِشَكلٍّ مؤذٍ ومسيءٍ لتاريخه المحلي والعالمي.
لجان تحكيم تتخبط ومؤثِّرات عاطفية وعلاقات شخصيَّة ومحاباة دفعت بالكثير ممَّن لا يملكون أقل فهم أو قدرات تمكَّنهم من تقديم عمل جيّد يستحقُّ أن يقال لصاحبه: إنّه فنانٌ إلى تبوء مكانة في الساحة تحوّلوا فيها إلى مُنظِّرين ومدرِّبين ومقيّمين لغيرهم مع أن أعمارهم الفنيَّة لا زالت في حدود الطُّفولة وأن تجاوزت فإلى مرحلة المراهقة.
وحتى لا ألامس شيئًا من مشاعر الكثير من الموهوبين حقًا وليس المتطفلين، فلنا في معرض فرع جمعية التشكيليين في الرياض الذي افتتح مؤخرًا الشواهد على وجود كم كبير من المبدعين والمبدعات المؤهلين أكاديميًّا أو من وهبهم الله القدرة على تطوير الذات، فحققوا نجاحًا يمنحهم السير بموازاة من تعلم الفنّ أكاديميًا.
إذًا الأمر لا يتعلّق بمن يتلمس طريقه ويخسر الكثير إلى أن يصل إلى ما يصبو إليه من خلال مراحل وخطوات طويلة واستشارات وسماع لآراء النقَّاد، خصوصًا المتمكنين من التَّوجيه والتواصل مع الآخر بالسُّبُل المتاحة لاكتساب أكبر قدر من الخبرات، لكنَّه يعني الأسماء التي ينطبق عليهم القول: (خدعوك بقولهم حسناء) وهنا المديح للعمل المقدم رغم النَّقص الذي يظهر عليه.
لقد ابتليت الساحة ببعض المعنيين بالتنظيم، الذين لا يَهُمَّهم سوى ما ينتج من المعارض ماديًّا أو إعلاميًّا حتَّى لو كان ذلك بأعمال يخجل الفنّ التشكيلي أن يقال: إنّها منسوبة إليه، كما ابتليت بوسطاء وعلاقات منحت البعْض من الهواة ما لا يستحقُّون، أما الأهمّ والأكثر سوءًا للساحة أن تكون الفنون التشكيلية سد نقص لمناسبات لا علاقة للفنّ فيها أو تسويق لنشاطات يخرج منها الفنّ التشكيلي خالي الوفاض، بل بخسائر للفنان من أبرزها فقدان الأعمال أو إتلافها، حتَّى أصبح الفنّ التشكيلي كفرقة «حسب الله» تدعى لأيِّ مناسبة ولأيِّ نشاط، أغلب المشاركين في تلك المعارض ممَّن لديهم الهواية في التلوين والتزيين حتَّى لو قام بها رسامٌ هنديٌّ أو غيره من العاملين في محال الخطاطين.
هذه هي حال الفنّ التشكيلي في ساحة (كل من ايدو الو) بين أيادٍ وفكر متخلف في مجال اختيار الأعمال أو في اختيار المناسبات، لكن الأمر لا يعني من هم أحرص على تقديمه بمستواه الحقيقي وفي المواقع التي يستحقُّها والمناسبات التي تليق به، هؤلاء أو تلك الجهات ستظهر يومًا وسينكشف غطاء البقية وسيعلم الفنان الحقيقي مع من يتعامل وأين يضع موقع قدمه؟
فهنا فرق بين من يسلم أمره لِمَنْ يحقِّق له النجاح عبر سبل علميَّة وبين من يستسلم لأفراد لا علاقة لهم بالفن إلا بما يسمعون أو يشاهدون مع افتقارهم للثقافة البصرية عامة.
فهل الفنّ التشكيلي في هذه الساحة أو لدى من ائتمنوا عليه تحصيل حاصل وتكملة عدد وتنفيذ نشاط ليس إلا.. أجزم بذلك.
monif.art@msn.com
فنان تشكيلي