من باب دفع الشبهات، واللغط الفكري، واللبس الثقافي، والضلوع في تشويه الحقائق، والتي أثارها - إمام جمعة في طهران - إمامي كاشاني - قبل أيام -، حين اتهم من وصفهم، بـ: «السلفيين التكفيريين»، بأنهم: «صهاينة بمعنى الكلمة»، مع أن تبرئة ساحة السلفية
.. من تهمة التكفير، والدعوة إلى التخريب، والتفجير، هو ما يحرص عليه أتباع المنهج السلفي - قولا وعملا-، والالتزام باتباع السنة، ومجانبة الابتداع، بل والاجتماع على الحق، ونبذ الفرقة. وتلك نقاط رئيسة في المنهج السلفي، وليست شعارات مؤقتة، أثمرت مواقف إنسانية نادرة، -وبالتالي- فإن الحكم على الناس بالتكفير دون برهان، غير معتبر عند أصحاب المنهج السلفي.
إن السلفية منهج علمي؛ للوصول إلى فهم الكتاب، والسنة، وفق منهج سلف الأمة من الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين. وتخليصه من المفاهيم الخاطئة، والادعاءات الباطلة لمن ادعى سلفية مزعومة من بعض من انحرفوا فكرياً فغلوا، وتطرفوا، وكفروا الآخر بلا دليل شرعي، هي مطالب شرعية، تندرج ضمن منهج وراثة السلف الصالح. وهو ما أكّد عليه ابن قيم الجوزية -رحمه الله-، بقوله: «فما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط، وإضاعة، وإما إلى إفراط، وغلو، ودين الله وسط بين الجافي عنه، والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد».
من جانب آخر، فإن الغموض الذي اكتنف مفهوم السلفية الصحيح، تراوح بين الجمود، والتجديد من جانب، وبين الاستثارة، والظلامية من جانب آخر، رغم أنها لم تهدف في حقيقة الأمر إلا إلى الإصلاح، والتجديد في الدين، والربط بين الشريعة، والعادل من الفكر السياسي، مع ضرورة الاعتبار للرؤية المقاصدية للشريعة الإسلامية؛ من أجل مصلحة الأمة.
إن جاز لي أن أختم بشيء، فهي الإشارة إلى أن اتخاذ السلفية كـ»منهج حزبي»، هو خلاف الواقع، ولا يمكن إقراره. فالسلفية، اتباع منهج السلف عقيدة، وقولاً، وعملاً، وائتلافاً، واتفاقاً، وتراحماً، وتواداً. فاطمئنوا يا من ناوئ السلفية، فهي ليست حزباً، ولا مذهباً يتعصب له، أو إليه، بل هي ميراث النبوة، ومنهاجها، والعروة الوثقى، وسبيل المؤمنين، وذلك -من خلال- انتهاج الاستقامة الفكرية، وسلوك الصراط المستقيم.
drsasq@gmail.com
باحث في السياسة الشرعية