بعيدا عن مقولة «زامر الحي» الذي دائما لا يطرب ولا «يبهج» أهالي الحي وجيرانه، ودون الاقتراب من تحليلاتها وتفسيراتها، يبدو السؤال منطقياً ومشروعاً وملحاً من ناحية ثالثة: أين سياحتنا الداخلية على خارطة اهتمامات وأولويات المواطن السعودي؟
هذا السؤال لن نمل ترديده وربما تلحينه لو اضطررنا لذلك في سياق المعضلة الكبرى التي نعيشها وتعيشها سياحتنا الداخلية كل موسم وإجازة و»فلة»، والبحث عن حلول لهجرة السائحين السعوديين للخارج حتى لو كان صوب جزيرة في دولة لا تقع على الخريطة.
جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار ورئيسها الأمير سلطان بن سلمان لا ينكرها سوى جاهل، وهي جهود بالطبع غير منقوصة وملموسة وتحتاج فقط إلى تكامل وتعاون الجهات الأخرى ذات العلاقة بالقطاع والمؤثرة فيه وعلى رأسها الإعلام بكل أنواعه كمسوق رئيس لبضاعتنا السياحية على مدار العام.
تجهيز جدول للمقارنة بين مواقع ودوافع السياحة داخل المملكة وخارجها تقودك وبكل ثقة وبعيداً عن شبهة التحيز إلى تفوق يقترب من الكاسح لصالح سياحتنا، وتفجر سؤال بطعم الحيرة ورائحة الدهشة: لماذا ندير ظهورنا للطائف وأبها وواجهة الخبر البحرية وغيرها من المواقع السياحية و»نلهث» نحو السفر للخارج لقضاء إجازاتنا وإنفاق آلاف الريالات والدولارات؟
مرة أخرى، يجب على صناع السياحة في بلدنا أن يدركوا أن الصناعة ليست روزنامة فعاليات مملة ومكررة كل عام، بل تخطيط وابتكار لاسترضاء وجلب السائح السعودي، وإقناعه أن هنا أفضل من الخارج ولاسيما أن مواطنينا يحرصون على الخصوصية ويتهافتون على كل ما هو سعودي بمواصفات عالمية من فعاليات ومهرجانات وخدمات سياحية راقية تخضع لرقابة تحول دون الانفلات الموسمي للأسعار ولا سيما في قطاع الإيواء.
تنمية سياحتنا الداخلية تبدأ من المواطن الذي عليه أن يعي أن بلدنا غني بالمقومات، و»عقدة الخارج» يجب كسرها بتذكرة سفر إلى أبها؛ حيث متنزهات السودة وغيرها من المواقع التي تتجلى فيها روائع الطبيعة، أو جولة بين حقول الفل الأبيض في الطائف. همسة في أذن كل سعودي وهو يحزم حقائبه قاصدا دبي أو بيروت أو اسطنبول أو شرم الشيخ: هل مواطنو تلك المدن يتحلون بنفس القدر من الحماس ليقصدوا دولاً أخرى لقضاء إجازاتهم وإنفاق أموالهم؟ شخصيا أشك وبشدة.
- مدير مكتب جريدة الجزيرة بالمنطقة الشرقية