|
الرياض- الجزيرة:
نعم.. نحن الأكثر إنفاقا في السياحة، فالسعوديون تربعوا على رأس الخارطة السياحية من حيث الإنفاق بأرقام رصدها مختصون، ما يفسر اتجاه الأنظار لسياحنا باعتبارهم الأكثر جاذبية، والأكثر رفدا للغلة النهائية في ميزانيات السياحة ومواردها.
الدراسة التي أجرتها شركة فيزا، وتم تداولها في المواقع الإعلامية، انسابت نحو ذلك المصب، فكشفت أن السعوديين اعتلوا المركز الأول عالميا في الإنفاق السياحي بنحو 6,6 آلاف دولار (25 ألف ريال) للرحلة الواحدة، متفوقين بذلك على الأستراليين الذين جاءوا بالمرتبة الثانية بمعدّل 4,118 دولارا والصينيين بمعدل 3,824 دولارا. تفوق السائح السعودي في الإنفاق ليس محض مصادفة، فهو نتاج لعوامل متداخلة، يبرز منها ارتفاع مستوى دخل المواطن السعودي، ما يجعله قادرا على تجنيب قدر من مدخوله المادي للسياحة دون كثير عناء، وكذلك الشغف العربي المتأصل بالاستكشاف ومعرفة ما لدى الآخر من معارف وثقافات وأساليب حياة، وهي سمة تدفع باتجاه السياحة والمعرفة، إضافة إلى أن السعودية ما زالت في طور الشباب الباكر، الذي يجعل ساعات النشاط التجاري والاقتصادي والخدمي زاخرة بالحراك معظم ساعات اليوم، ما يرفع من دافعية التغيير، والبحث عن أمكنة جاذبة يتم فيها كسر العناء، للعودة مجددا بنشاط أكبر لدورة الحياة الراكضة.
بذاك النظر لوضعية السائح السعودي، مقرونا بقدرته على الإنفاق السياحي، يصبح السعوديون مطمحا لهيئات السياحة على كل الاصعدة إقليميا ودوليا، فالسياحة «صناعة» لها مردودها المادي المؤثر في اقتصادات الدول، فضلا عن بقية المردودات التي بات العالم على وعي بأهميتها، خصوصا وأن شغف الناس بالترفيه والترويح، وكذلك معرفة مناطق الجذب في العالم، لم يعد محل جدال.
ولما كان العالم كله قد دخل لعبة السياحة تصديرا واستقطابا، كانت أوروبا دوما جاذبة للكثير من السياح السعوديين، باعتبار ما تكتنزه من ثقافة مختلفة وتجربة حياتية ذات تميز وخصوصية، وتبرز في هذا الجانب سويسرا التي دخلت بقوة ضمن الطامحين في جذب السائح السعودي. حتى أن الجولة الخليجية التي قام بها وفد هيئة السياحة السويسرية وعدد من ممثلي مختلف القطاعات السياحية في سويسرا المكون من 40 شركة سياحية وفنادق سويسرية شهيرة، أشارت الإحصاءات المتزامنة معها، والتي نشرتها هيئة السياحة السويسرية إلى أن المملكة ما زالت تحتل المرتبة الأولى خليجياً من حيث عدد السياح القادمين منها إلى سويسرا.
بل ان مدير عام هيئة السياحة السويسرية لدول مجلس التعاون الخليجي رفائيل أنزلر أكد أثناء زيارته إلى الرياض أن عدد السياح السعوديين الذين يزورون سويسرا سنوياً يناهز الـ80 ألف سائح سعودي، مشيرا إلى أن هناك زيادة متوقعة بحوالي 10% في عام 2013.
كذلك الحال بالنسبة للسياحة الآسيوية، والتي تسعى هي الأخرى لجذب السائح السعودي، خصوصا وأن القرب الجغرافي يسهل إمكانية الوصول إليها، إضافة إلى أن الإنفاق في الدول الآسيوية جاذب قياسا بحالات الغلاء التي تعصف بالعالم.
في هذا الجانب، تبدو ماليزيا مثالا للاستقطاب النشط للسائح السعودي، وهو ما يتبدى في الإحصاءات التي تكشف عن أن نصف العرب القادمين لماليزيا هم من السعوديين، ما يؤكد جاذبية المكان للسائح السعودي، وما يشجع الهيئات السياحية في ماليزيا على الاحتفاظ بزخم القادمين من المملكة صوب أرض البرجين التوأمين الشهيرين.
ومن البدهي أن يكون للعرب مساعيهم لاستقطاب السائح السعودي، فهم أيضا بحاجة لأخذ نصيبهم من الرافد السياحي السخي الذي يوفره القادمون من المملكة، خصوصا وأن الدول العربية تمتلك عناصر الجذب الخاصة بها، إضافة إلى اقتراب البيئات العربية من بعضها، ما يتيح قدرا من الأمان النفسي للسائح السعودي وأسرته.
دون شك، كان للعواصف التي اجتاحت المنطقة آثارها في معالم الخارطة السياحية السابقة، ومع ذلك تبرز تونس كمثال على نشاط التسابق نحو جذب السياح صوبها وخصوصا من السعوديين، وكذلك المغرب، فضلا عن جهود متفرقة اخرى تقوم بها بعض الدول العربية، رغم انغماسها في همومها الداخلية التي طغت على بقية اهتماماتها في الوقت الحاضر.
وبالطبع، لا يغيب عن الأشقاء في دول الخليج أهمية التركيز على السائح السعودي، فهو الأقرب جغرافيا لهم، والأكثر إقبالا على امتطاء صهوة السياحة، إضافة إلى ما تتيحه الأنظمة من مرونة الحركة والإقامة بين مواطني دول الخليج، وهو ما يشجع على تحقيق توازنات في الفاقد والوارد من السياحة في المنطقة بأجمعها.
هكذا تبدو الفكرة أكثر رسوخا، فالسائح السعودي محط أنظار الكثير من دول العالم المهتمة بالجذب السياحي، فهو الأكثر إنفاقا وفقا للأرقام المحايدة المعلنة، وهو الأكثر حراكا قياسا ببقية العرب وفقا لأرقام ماليزيا ذات الجاذبية لسياح العالم العربي، وكل ذلك يأتي مدعوما بثبات جيد في قيمة الريال السعودي، واستقرار متميز في الأوضاع بالمملكة، ما يجعل الانجذاب نحوها ونحو السياح الآتين منها، فطنة لا تغيب عن أذهان الآخرين.