|
الجزيرة - محمد السهلي:
تدفع الجهات التنظيمية والهيئات الشرعية والعوامل الاقتصادية البنوك الإسلامية في منطقة الخليج نحو تنويع تعاملاتها في سوق النقد قصير الأجل (Money Market ) وهو اتجاه قد يحفز نمو الأسواق المالية بالمنطقة.
وقد نمت أصول سوق النقد الإسلامية بوتيرة متسارعة في السنوات القليلة الماضية مع صعود الأنشطة المصرفية المتوافقة مع الشريعة. .
والأداة الرئيسية التي تستخدمها البنوك الخليجية لإدارة السيولة قصيرة الأجل هي مرابحة السلع وهي صيغة شائعة للتمويل الإسلامي يقوم بموجبها بنك بشراء سلعة لبنك آخر يتعهد بشرائها لاحقا بهامش متفق عليه.
كشف مسئول مصرفي عن وجود ضغوط شديدة تواجهها إدارات البنوك العليا من الهيئات الشرعية وذلك من أجل تقنين اللجوء إلى منتج «مرابحة السلع». وفي الوقت الذي تحجم فيه معظم البنوك الإماراتية عن مرابحة السلع التي ببورصة لندن للمعادن، لا تزال الهيئات الشرعية بالسعودية تبذل قصارى جهدها من أجل تقنين الاعتماد على هذا المنتج.
وعادة تكون هذه السلع متداولة من خلال بورصة لندن للمعادن. لكن عددا متزايدا من البنوك يبحث عن بدائل.
وقال إجلال أحمد ألفي الرئيس التنفيذي للسوق المالية الإسلامية الدولية وهي مؤسسة مقرها البحرين تضع مواصفات للعقود المالية «مازال الاعتماد على مرابحة السلع زائدا. لكن لا يمكن تغيير ذلك إلا بتوفير بدائل في السوق.»
وبالرغم من أن مرابحة السلع مستخدمة على نطاق واسع إلا أنها تواجه معارضة من بعض أعضاء الهيئات الشرعية التي تشرف على أنشطة البنوك. والانتقاد الذي يوجه إلى هذه الأداة هو أنها لا ترتكز بالشكل الكافي على نشاط اقتصادي حقيقي وهو مبدأ مهم في التمويل الإسلامي.
وقال حسام سيف رئيس قسم الخزانة وأسواق رأس المال في المصرف الخليجي التجاري ومقره المنامة «الهيئات الشرعية هي التي تشجع ذلك الاتجاه .. في الإمارات تحجم أغلب البنوك عن مرابحة السلع.»
وتبلورت معارضة المرابحة حين أصدرت سلطنة عمان في ديسمبر الماضي قواعد للتمويل الإسلامي. وحظرت القواعد مرابحة السلع التي تعرف أيضا باسم التورق المنظم.
في الوقت نفسه تبحث بعض البنوك عن بدائل لمرابحة السلع. وتكتسب عقوداً إسلامية مثل الوكالة شعبية وتستحوذ فيما يبدو على حصة أكبر من أسواق ما بين البنوك إلا أنه لا توجد بيانات رسمية متاحة لذلك.
ووفقا لتقديرات سيف من المصرف الخليجي التجاري تتراوح أحجام مرابحة السلع في الخليج بين ثمانية مليارات دولار و11 مليارا بينما قد تبلغ عقود الوكالة نحو ثلث هذه القيمة.
وقال ألفي إن اتفاقات الوكالة التي يكون فيها أحد الطرفين وكيلا للآخر لإدارة أصول معينة سيوضع لها قريبا عقد قياسي من قبل السوق المالية الإسلامية الدولية.
وتابع «نضع اللمسات الأخيرة على عقدنا القياسي المفتوح للوكالة وسيتم نشره على الأرجح قبل رمضان (الذي يوافق يوليو تموز) أو قبل ذلك.»
وأضاف ألفي أن السوق المالية الإسلامية الدولية وضعت أيضا معايير للتحوط الإسلامي وتعمل على وضع معيار لاستخدام السندات الإسلامية (الصكوك) القابلة للتداول في إدارة السيولة.
وأخذت قطر خطوة نحو استخدام الصكوك لإدارة سيولة البنوك هذا الشهر حين أطلقت برنامجا لإصدار صكوك على أساس فصلي.
وقد تحذو عمان حذوها إذ أنها بعد حظر مرابحة السلع تبحث الآن وسائل أخرى لتستخدمها البنوك في إدارة السيولة.
وقال جميل الجارودي الرئيس التنفيذي لبنك نزوى أول بنك إسلامي عماني «ستكون على الأرجح نوعا من الصكوك المتداولة.»
وأضاف أن بنك نزوى ينوي في نهاية المطاف الجمع بين الوكالة والصكوك المتداولة لإدارة السيولة بالإضافة إلى إجراء صفقات مرابحة خارج عمان مع البنوك الإسلامية الإقليمية.
وقد يستغرق إصدار أول صكوك في عمان فترة من الوقت غير أن حمود بن سنجور الزدجالي رئيس البنك المركزي العماني قال هذا الشهر إنه من المتوقع إصدار صكوك مقومة بالريال في أواخر عام 2013 أو مطلع العام المقبل.
وتعتمد العديد من المؤسسات المالية في البحرين على «مرابحة السلع». ويصل تعداد البنوك والمؤسسات المالية المرخصة بالبحرين مستقرا تقريبا عند 407 مؤسسات نهاية الربع الثالث من العام الماضي مقابل 406 نهاية 2010 حسب بيانات المركزي.
وجاءت الضربة الكبرى مع رحيل كريديه أجريكول الفرنسي الذي قال أواخر 2011 إنه نقل مقره الإقليمي ونحو 60 موظفا إلى دبي.
ونقل بنك طوكيو ميتسوبيشي الياباني معظم موظفيه إلى دبي في منتصف 2012 وأصبح تواجده هامشيا بالمملكة.
لكن على عكس مخاوف اندلعت آنذاك لم تحدث هجرة جماعية للمؤسسات المالية من البحرين وأثبتت البنوك المحلية مرونتها مما سمح للجزيرة الخليجية بالحفاظ على وضعها كمركز للخدمات المالية بالخليج.
وأطلقت سلطات البحرين حملة نشطة لإقناع المؤسسات المالية بالبقاء عززها الدعم الاقتصادي الذي تناله من السعودية ودول خليجية أخرى . وبسبب هذا الدعم لم تكن المخاوف من انهيار كارثي للقطاع المصرفي بالبحرين لم تكن دقيقة.
وتعد الصناعة المالية شديدة الأهمية للبحرين البالغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة ولا تتمتع بموارد نفطية وفيرة كبعض جيرانها الخليجيين.
وتراجعت أصول الجهاز المصرفي البحريني إلى 194.9 مليار دولار في نوفمبر تشرين الثاني من 222.2 مليار نهاية 2010 . وهذا يخالف اتجاه النمو في بلاد خليجية أخرى كالسعودية وقطر. لكن لا يشي بخروج جماعي للأموال من البلاد.
وتم تعويض الانسحابات القليلة برخص جديدة بعضها لمؤسسات أجنبية فحصلت 14 مؤسسة على رخص خلال 2012. وفتحت شركة باين. بريدج انفستمنتس العالمية المتخصصة في إدارة الأصول فرعا بالشرق الأوسط في المنامة الشهر الماضي.
وقال جيفري سينجر الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي المنافس للبحرين «أداؤهم كان جيدا في منع الهجرة الجماعية للمؤسسات المالية.»
وتقف عدة عوامل وراء احتفاظ البحرين بمكانتها. وأرجع عبد الكريم بوجيري رئيس الجمعية المصرفية في البحرين هذا إلى توافر بنية تحتية مستقرة وإطار تنظيمي وقوى عاملة محلية مؤهلة.
وتستفيد البحرين من استضافة مقر هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية التي تستخدم معاييرها جزئيا أو كليا لدى الجهات التنظيمية للتمويل الإسلامي حول العالم.
وساعد البحرين تعهدات بالدعم المالي من الجيران العرب الأثرياء. وتعهدت هذه البلاد في مارس 2011 بحزمة مساعدات قيمتها عشرة مليارات دولار خلال عشر سنوات. ويبدو أن هذا طمأن مودعين سعوديين وأجانب في البحرين على أموالهم هناك.
ورغم أن الاضطرابات الحالية التي قلت حدتها نسبيا لا تؤثر بشكل مباشر على حياة المصرفيين المغتربين بالبحرين فهي لا تشجع انتقال أسرهم إليها. وقد تؤثر عمليات الفحص الأمني المتشدد والمهدرة لوقت المسافرين بمطار البحرين نتيجة زيادة المخاوف الأمنية على حركة السفر لرجال الأعمال.
وقد تجعل الاضطرابات من الصعب على السلطات المنشغلة بالأزمة السياسية التعاطي مع المنافسة المالية.
وتأمل دبي التي تستضيف أكثر من مثلي الشركات المالية المسجلة بالبحرين في الاستفادة من هذا الوضع. ودشنت الإمارة الشهر الماضي خطة لتصبح مركزا عالميا للتمويل الإسلامي وهذا ينطوي على تحد مباشر للسيطرة البحرينية على الصناعة.