لا يمكن إلا أن تصادق على أن الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن شخصية متميزة: خلقا وأدبا وتواضعا وصدقا وحبا للناس, وعندما تقترب منه أكثر تعرف أنه لا يوافق على هذا المديح، فهو لا يحب الإطراء، ولو سمع مني هذا الكلام لقال (امحه)، ولكنني أكتبه للذين لا يعرفون البدر، أو للذين نالوا منه في لقائه في برنامج (الثامنة مع داوود) قبل أسابيع.
البدر عندما تعمل معه تعرف أنه في العقد السادس من عمره, وتعرف -يقينا- أنك أمام شخص متجدد باستمرار بدليل جماهيرته التي لم تنطفئ ونجوميته التي لم تذبل على مر التاريخ.
عملت مؤخرا مع البدر في برنامج معرض (تشكيل قصائد البدر) الذي نظمته فنون الرياض الأسبوع الماضي, والتقيته أكثر من مرة، مرة وحدي ومرة بحضور سلطان البازعي رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون الذي دعم فكرة المعرض ووقف بجانبها.
كان البدر وأنا أطرح عليه الفكرة (تحويل قصائده المغناة إلى لوحات تشكيلية) بريشة كبار الفنانين التشكيلين السعوديين والطريقة الجديدة لعرضها مسرحيا, كان يفكر باتجاه آخر بعد أن استحسن الفكرة ودعانا للاستمرار في تنفيذها, هذا الاتجاه لم يخطر على بالنا وهو يلقي قصائده في الأمسية الاثنين ما قبل الماضي وخلفه 53 لوحة تشكيلية تمثل قصائده المغناة: أرفض المسافة, عطني المحبة, المزهرية، لليل أحبك.. إلخ). وذلك حين أعلن اعتزاله الأمسيات الشعرية وسط دهشة الحضور ومعارضتهم له, ولكنه أصر عندما قال: «لم أجد فرصة للاعتزال أفضل من هذا الحدث.. الذي كرمني وشرفني فيه 24 فنانا تشكيليا وتشكيلية برسم قصائدي ولا أعتقد أن هناك شرفا أكبر من ذلك».
بالنسبة لي سعدت بمشاهدته عرض اللوحات التشكيلية التي (مسرحتها) على الخشبة ومرت تباعا أمام الحضور لمدة 25 دقيقة، فقد مر أمامه شريط ذكريات الزمن الجميل ابتداء من (عطني المحبة) مرورا بـ (لليل أحبك) وانتهاء بـ (البتول)، وذلك حين تزامن مع استعراض اللوحة التشكيلية مقطع الأغنية (المرسومة) لمدة دقيقة بمصحوبة بالمؤثرات الضوئية والموسيقية.
وشاهد في ذات الوقت قصائده عندما عبر عنها الفنانون التشكيليون والفنانات التشكيليات باللون من زاوية مختلفة إبداعية، كانت محل اهتمام البدر وتحدث عن ذلك كثيرا في أمسيته التي صاحبت العرض والمعرض.
آخر أمسيات البدر التي أخرجتها للمسرح الأسبوع ما قبل الماضي كانت تمثل لي تاريخا, ولكن لا أعرف إن كان تاريخا أعتز به أم تاريخا أحزن فيه, ومن جانب آخر يظل حدثا نوعيا اجتمع فيه نخبة من التشكيليين والتشكيليات الذين يمثلون علامة فارقة في جبين الوطن وواجهة حضارية نعتز بها.
nlp1975@gmail.com