كثيراً ما تكلم الجمع، وبحَّ صرير الأقلام، وخفقت الصدور لزخم ما تحمله الألعاب الإلكترونية، وبرامج الأطفال المستوردة من مخاطر فكرية وسلوكية.. بما تحمله في مضامينها من قيم, ومفاهيم, وسلوك, ومعلومات بعيدة كل البعد عما تهدف إليه التربية الإسلامية الصحيحة في قواعدها من قيم الحق, والخير، والسلام، والأمن النفسي, والخشية, والحياء, والأدب, والضبط الذاتي..
وتطور مجال الجذب والتشويق بما توصلت إليه تقنية الاتصال، ومواقع الضخ الإلكتروني، وأساليب التصميم الجاذبة المغرية، ومضامين ما يجدونه متاحاً باللون، والصوت، والإخراج اللافت لاهتمامهم.. فباتوا مقبلين بكل ما أوتوا من قدرات وإمكانات بل مهارات في استخدام التقنية الإلكترونية، وأوعيتها المختلفة..
وغدا الرقيب الذاتي في موضع قلق عند الآباء المهتمين بسلامة وصحة تنشئة صغارهم.. لكن التيار أقوى، والمجال متسع، بما لا تقوى عليه الجهود الفردية..
وكان المتوقع أن تتم مشاريع مؤسساتية لمواجهة ما ينبغي لتنشئة جيل قادر على مواجهة الضد بضد أمثل, وأقدر على التأثير في الصغار, يعنى بتعريفهم، وبتعويدهم, وبإقناعهم أن يروا، ويسمعوا, ويطلعوا على أي شيء دون أن يؤثر في بناهم الفكرية, والنفسية، والعقدية، ويعمل على تحقيق هذا الهدف.
ولا يتحقق ذلك إلا بوجود مقابل شبيه، أو مثل, أو أكثر تفوقاً على ما هو متاح بين أيديهم..
هناك برامج تلفازية تحاول المنافسة الجادة..
لكن مقارعة الحجة بحجة أقوى في المجال الإلكتروني لا تأتي ثمارها إلا بما يماثلها قوة وفنية وابتكاراً ومضامين مشوقة وهادفة..
بالأمس حملت لنا أخبار المجتمع في جريدة الجزيرة عن «التطبيق المجاني» لمشروع «عدنان» للصغار من سن الثانية للثانية عشرة، الذي أنشأته مؤسسة السبيعي، مستخدماً نظامي «الآبل»، و»الأندرويد» باللغة العربية، وهو الأول في المتجر السعودي، يطبق مجاناً، ومن تصميم المهندس والمبرمج السعودي عبدالله اليوسف..
بدأ المشروع ببرنامج «عدنان معلم القرآن», وكما ورد في الخبر: «يهدف إلى تعليم الأطفال وتحفيظهم جزء (عم). أما قسم القرآن فيقرأ القارئ بصوت المعلم، ثم تردد بعده مجموعة من الأطفال، مرة أو ثلاثاً. أما أحرف الهجاء فبألوان زاهية ونموذج تصويري لكل حرف»..
ويتطلع أن يواصل هذا المشروع في بقية جوانب المعرفة والترفيه والثقافة العامة، والآداب، والفنون، والسير، ويوظفها في سير تبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين, وأمهات المؤمنين, وبقية الشخصيات التي لها دورها على مر المراحل من أدباء، ومبدعين, ومفكرين، ومنتجين، ورواد مختلفين نساء, ورجالاً.. بمحتوى مشوق, وتصميم قادر على جذبهم، لتسديد خانات الفراغ الذهني الذي يخيم على الكبار منهم قبل الصغار..!
ليمكنوا من قوة ثقة وشمول معرفة وثقافة تمكنهم من الذود عن أمتهم, بل التصدي لمن ينتهك حرماتها، تماماً كالذي يكتب في ضلال وافتراء عن أم المؤمنين عائشة كرمها الله وزادها رفعة في الجنة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي زوجت له في السماء، وأنبأ بأنها ستكون رفيقته في الجنة، لا يأتي سيرتها باطل من بين أيد ولا من خلفها، برَّأها خالق السماء في محكم التنزيل، وكشف عن النفاق وأهله في حقها في كتاب محفوظ مدى الدهر من قِبل رب كريم..
صغارنا إن وجدوا من يربيهم، ويعلمهم, ويفتح لهم آفاق ثقافة مختصة، وشاملة، وعن طريق الترفيه والقص, والقدوة، والتعريف بما عليهم أن يعرفوه عن أمتهم، ورموزهم بوسائل تقنية منافسة وحديثة ومتطورة وميسورة، كالتي يجدونها مرمى العين، فلسوف يمكَّنون من عتادهم النفسي، حجتهم منطق ومعلومات.. ومن ثم سيفرقون، ويميزون بين صالح يفيدهم ويفرحهم، وبين طالح يغثهم ويحزنهم..
تحية لمشروع «عدنان معلم القرآن»، وفي انتظار الأكثر منه، في الأوسع من المجالات.
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855