عندما يشدد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل - قبل أيام -، على: «تباين الموقف الإيراني بين الخطاب القولي، والممارسة العملية القائمة على التدخل المستمر، والمتكرر في الشؤون الداخلية»، ويصف قيام إيران بتجنيد المتجسسين، وضلوعها في الخلية التجسسية التي اكتشفتها الداخلية السعودية بـ: «العدائي»، فهذا دليل قاطع على علم سموه بكل تفاصيل الدور الاستخباراتي للديبلوماسية الإيرانية، والمتمثل في حجم الخلايا السرية الإيرانية، والتي تندرج وفق مخططات سياساتها التوسعية في المنطقة؛ ما أسهم في كثير من الأحيان في تعطيل مسافة التقارب، وإذكاء عوامل الخلاف بين إيران ودول منطقة الخليج العربي.
التجسس، - سواء - كان دافعه سياسياً، أم أمنياً، له أجهزته التي تُرصد بها أوضاع الدول. وإيران - مع الأسف -، إحدى الدول التي لديها نشاط تجسسي، ومخابراتي؛ من أجل زعزعة استقرار دول الخليج، والتحضير لرسم خارطة سياسية قادمة، تتناسب مع متطلبات ما بعد نظام الأسد، وإظهار تأثيرها في عمق الأراضي السنية.
لا تزال إيران تتجسس على دول الخليج، بسبب أجواء المنطقة، التي خلفت ثغرات عديدة لتدخلات غير مشروعة. وعند مواجهتها تنطق بالإنكار. ففي اليمن على سبيل المثال: أوقفت قوات الأمن في عام 2012م، ست خلايا تجسسية إيرانية، مرتبطة بمركز قيادة عمليات الخلايا في اليمن، والقرن الأفريقي. وفي عام 2010م، استدعت دولتا الكويت والبحرين سفيريهما من طهران، بسبب كشف شبكات تجسس إيرانية، قامت بتصوير المنشآت العسكرية الكويتية، والأمريكية، وإمداد الحرس الثوري الإيراني بمعلومات عسكرية، واقتصادية، وجمع بيانات ومعلومات تتعلق بمواقع عسكرية، ومنشآت صناعية واقتصادية داخل البحرين، بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، إضافة إلى أنشطتها غير المشروعة في دول أخرى، كالمغرب، ومصر، والسودان.
وقبل أيام، أعلن المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية - اللواء - منصور التركي، عن ضبط شبكة إلحاقية تجسس تعمل لمصلحة إيران، وذلك من خلال جمع معلومات عن مواقع، ومنشآت حيوية، والتواصل بشأنها مع جهات استخبارية في دولة إيران، مع أنه لم يكن متصوراً على الإطلاق، أن يكون هناك جواسيس سعوديون، يتم تجنيدهم في عمليات استقطاب، - سواء - من ناحية عقائدية، أو نفسية، أو اجتماعية؛ ليعمل على خدمة أجهزة المخابرات الإيرانية.
بل إن تقارير لوزارة الدفاع الأميركية - في الفترة الأخيرة -، أشارت إلى سعي إيران لتوسيع قدراتها الاستخبارية في منطقة الشرق الأوسط، وأوروبا، والاعتماد على عدد كبير من الجواسيس في الحصول على المعلومات، وبث نفوذها في المنطقة العربية، وشمال أفريقيا. وأكدت تلك التقارير، قيام قوة الحرس الثوري الإيراني بتشغيل محطتين للتجسس بالرادار في سوريا، والتجسس على إسرائيل، إضافة إلى محطتين في شمال سوريا، ومرتفعات الجولان. وتشير المعلومات الاستخباراتية الأميركية، إلى: أن إيران تستغل موظفيها الدبلوماسيين في إدارة شبكات التجسس، وأنها تملك أكثر من «30 « ألف ضابط تجسس، وموظف دبلوماسي؛ للحصول على المعلومات الاستخباراتية.
من حق دول الخليج أن تحمي نفسها من كيد من يكيد لها، أو يتخذ المكر وسيلة لزعزعة الأمن فيها، ضمن دائرة مواجهة الهجمات المخابراتية للدول المعادية. - ولا شك - أن صنيع إيران، يعد تصعيداً غير مسبوق، وخطوة سلبية على مستوى علاقات المنطقة، - لاسيما - عندما تستغل الورقة الطائفية؛ لتجنيد عملائها، وخدمة مصالحها الضيقة. وهو ما أكده الفريق الركن - معالي الشيخ - راشد بن عبد الله آل خليفة - وزير الداخلية البحريني -، بعد أن تم العثور على طائرة استطلاع إيرانية من دون طيار شمال مملكة البحرين، وذلك بالقرب من الحدود السعودية، بأن: «الأمر يتطلب موقفاً جماعياً مشتركاً، مع زيادة التعاون، والتنسيق بين الأجهزة الأمنية بدول المنطقة، - وكذلك - مع الدول الصديقة؛ لمواجهة هذه التهديدات».
أمن الخليج كل لا يتجزأ، - وبالتالي - فإن المساس بأمن إحدى دوله، سيهدد أمن واستقرار جميع دول المجلس. وما يجري على أرض الواقع من محاولات متكررة؛ لزرع خلايا التجسس؛ من أجل المساس بأمن واستقرار المنطقة، هي أنشطة إجرامية، تكشف عن نوايا عدوانية لإيران، تتطلب التصدي للاختراقات المقيتة، واستئصال، وتجفيف منابع هذا الخطر.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية