يعرف الصبر على أنه حبس النفس عن الجزع والثبات بكل إيمان وحزم في وجه المكاره والملمّات، والصبر فضيلة من الفضائل من خلاله يتقبّل الإنسان كل ما هو نافع والتمسك به مهما كانت المشاق! ويعني كذلك رفض كل المغريات وتركها والابتعادعنها، من هنا تتضح أهمية الصبر بالنسبة للإنسان المسلم، لأنّ القرآن الكريم قد أشار إلى الصبر في تسعين موضعاً في موطن المدح للصابرين والثناء عليهم والأمر به كواجب ٍ لا يجوز التخلي عنه؟ وهو في إجماع الأمة واجب وأمر رباني من الله جلّ وعلا، والذي أكد أنّ الاستعانة بالصبر تعين على طاعته سبحانه وتعالى قال جلّ شأنه، وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) سورة البقرة.
إنه الصبر الذي تحدث عنه أهل العلم وأهل الأدب وأهل الحكمة مثمِّنين قيمته ونفعه للناس، ونحن في هذا العصر والذي أصبح معه الصبر مجرّد كلمة تقال ولكن لا تطبّق إلا على نطاق ضيق، مما أتاح لليأس أن يأخذ طريقه لنفوس كثير من البشر، خاصة أولئك الذين تضيق بهم السبل في الحياة، وبعضهم يعتقد أن سخطهم سيجلب لهم كل ما يريدون، هؤلاء لم يدركوا أنّ المجتمع الذي لا يتحلّى أفراده بالصبر سوف يخور وتنهار قواه!! إنّ ما نسمعه اليوم وما نتابعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تضجر الناس حول قصور من جهات حكوميه وأهلية في عدم تلبية مطالبهم في إيجاد عمل وفي تعيين الخريجين والخريجات، وغير ذلك من الأمور الحياتية والمعاناة التي يجب أن يكون للصبر طريق لحلها.
نحن هنا لا نبرر القصور ولا نقرّه، ولكننا لا نبرر التعجُّل والسخط، ولندرك جميعاً أن الخلق للخالق وأن الصبر كما يقول المثل مفتاح الفرج، وأنه ليس هناك ما يمنع أن ننتفع من تجارب الآخرين الذين طبّقوا مبدأ الصبر ثم وصلوا إلى الهدف المنشود، نعم الصبر مرٌّ كما قال الشاعر ولكن عواقبه أحلى من العسل، وعلينا معرفة أمر مهم وهو أنّ ممارسة الصبر وتطبيقه كفيل بحل كل المشكلات والقضاء عليها بحول الله.