هذا العام عايشنا جميعاً تطورات إيجابية مهمة في مسيرة التنمية في الوطن الغالي وبشكل خاص في إطار تفعيل دور المرأة، وتطويره ليواكب مستجدات الزمن وتحديات المكان, وتمكين المرأة المواطنة من العودة إلى موقع الإنجاز ضمن معادلة بناء الوطن والمساهمة بوضع قدراتها على كل المستويات في موقع التفعيل التام للقيام بالدور الذي تأهلت له. وسنرى المزيد من هذا التفعيل بإذن الله والتزام القيادة بتحقيق أهداف التنمية الشاملة.
منذ بداية العام عايشنا جميعاً مناسبات مهمة في تاريخ الوطن, وتاريخ المرأة السعودية بالذات حين انتقى خادم الحرمين ثلاثين سيدة مؤهلة للتعيين في مجلس الشورى السعودي عضوية كاملة ضمن 150 عضواً.
ويوم السبت الماضي عايشنا مناسبة سعيدة أخرى، حيث لأول مرة تم اختيار سيدة مميزة الشخصية الثقافية المكرّمة في مهرجان التراث والثقافة في دورته الثامنة والعشرين: الدكتورة ثريا أحمد عبيد أقول هذا وأنا أعرفها عن قرب حميم.
وقد أعلن عن اختيار سميتي وزميلتي في عضوية مجلس الشورى لهذا التكريم مبكراً, وكان التكريم سيتم في افتتاح موسم المهرجان الثامن والعشرين. وحزنت يومها لأنني كنت على سفر في اليوم الذي حدد للاحتفاء.. ثم لحكمة ما لم تفتني هذه الفرحة الشخصية فقد تأجل افتتاح المهرجان والاحتفاءات المصاحبة له تعاطفاً مع معاناة الأشقاء والأحداث المؤلمة في سوريا. يوم السبت الماضي جاء تقليدها وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى إتماماً للتكريم الذي لم يتم مع افتتاح موسم الجنادرية. وتم في مكتب الملك - حفظه الله ورعاه- في رئاسة الحرس الوطني.
تولى تقليدها الوسام الرفيع صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء, ورئيس الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة نيابة عن والده ووالدنا جميعاً الغالي خادم الحرمين الشريفين الذي اختارها شخصياً لتكون الأولى الشخصية الثقافية المكرمة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة هذا التكريم الرفيع. وحضر الاحتفال أيضاً وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة. وبعض كبار المسؤولين وزميلات الشورى وأقارب المحتفى بها.
كان احتفالاً استمعنا فيه إلى كلمات مختصرة ومباشرة من القلب من المحتفي والمحتفى بها.
والدكتورة ثريا عبيد اسم له وهج مضيء محلياً كمواطنة سعودية بلغت أقصى درجات التأهيل العلمي, وكانت أول فتاة سعودية تبتعث للدراسة في الخارج بتشجيع من والدها الأديب أحمد عبيد أحد رواد الثقافة في السعودية, وبقرار ابتعاث من قبل الملك فيصل - رحمهما الله وطيّب ثراهما-. وهي أيضاً توهجت دولياً لكونها تبوأت بترشيح من الوطن وقادته أعلى منصب قيادي مسؤول خارج السعودية وهو منصب وكيل الأمين العام المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وأذكر أنني حين التقيت بالسيد بان كي مون في باريس في مناسبة رسمية جمعتنا كمتكلمين رئيسيين؛ قال لي حين عرّفونا رسمياً: دكتورة ثريا! السيدة السعودية التي أعرفها تحمل هذا الاسم شخصية مميزة تقوم بعملها بتميّز قلما رأينا مثله. سعدت يومها بشهادة على ذلك المستوى للقريبة العزيزة. وما زلوا يخلطون بيننا لتشابه الاسم.
الآن نجلس متجاورتين في مجلس الشورى ونتبادل الرأي في مجرياته وما يمر علينا من تفاصيل القرارات الرسمية على أعلى مستوى والتحديات المشتركة. أقول لها: أهم منجز لقيادتنا هو أننا هنا مع زميلاتنا الرائعات.. وأهم منجز سيحسبه التاريخ لنا هو أن تنجح التجربة الأولى للمرأة السعودية في الشورى التعيين مسؤولية في رقابنا.. لو خرجنا بعد أربع سنوات بأربعة قرارات تخدم المواطنين والمواطنات بالذات فسنكون جديرات بالشكر!
قلت لها أمس بعد تكريمها شخصياً: ما هي أمنيتك الآن؟
قالت: «هناك أماني كثيرة؛ للوطن: أن يكون وطناً يشعر فيه الإنسان بمواطنته الفعلية له حقوق محددة ومحققة بنزاهة وفاعلية, وعليه مسؤوليات واضحة يقوم بها بمحبة والتزام ولا يستجدي إلا من رب العالمين!»
سعدت جداً بحضور التكريم شخصياً مناسبة سعيدة وغالية علي.. وحين قلت لها سأكتب عنك ردت: «هذه مفاجأة.. وكلمتك مجروحة بسبب المحبة والأخوة والصداقة بيننا ومع هذا أعلم أن كلماتك هي رسالة للوطن وليست تذكيراً أو مديحاً بي»..
والأمر فعلاً كما قالت..!
كتبت من القلب وبعفوية صادقة احتفاءً بها.. وبمناسبة سعيدة جداً.