من أسوأ أنواع البيروقراطيات تلك التي لا تنظر للأولويات، ويتساوى أمامها المهم وغير المهم. وخير من يطبق هذا النموذج هما وزارتا المالية والنقل، ومن أمثلة ذلك أن كوبري المعيزلية (الحرس الوطني) الذي شهد كارثة ناقلة الغاز لا يزال على حاله دون أي بوادر لوجود مشروع إصلاحه، فكل ما قامت به وزارة النقل أنها أوكلت لإحدى المؤسسات إزالة بقايا الكوبري، وبيعت أطنان الحديد التي استخرجت منه، واكتفت برصف عدد كبير من الصبات الخراسانية التي يبدو أنها باتت علامة تعثر أي مشروع قبل أن يبدأ، كما حرصت الوزارة على وضع لوحة كبيرة تحمل عبارة (نتلقى ملاحظاتكم...)، فأي ملاحظات تريد الوزارة الموقرة والموقع أصلاً ليس به أي أعمال؟! وأمام هذا العجز اضطر المرور إلى وجود دورياته على منافذ الطريق على مدار الساعة في محاولة يائسة لتنظيم حركة المرور في هذا الشريان الذي أهملته الوزارة.
** اليوم شرق الرياض يختنق صباح مساء في ذلك المكان الذي يسلكه معظم سكان شرق الرياض، إضافة إلى منسوبي الحرس الوطني ومستشفى الملك فهد ومنسوبي القطاعات الأمنية مثل كلية الملك فهد الأمنية ومدينة تدريب الأمن العام وكذلك جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية. كل هذه القطاعات يضطر منسوبوها للمرور من الموقع (القضية). ومع كل هذه الأهمية التي يمثلها الطريق إلا أن وزارة النقل لم تحرك ساكناً، وكأن الأمر لا يعنيها.
** نحو ثمانية أشهر مضت منذ ذلك اليوم الدامي، وكأن الأمر أصبح نسياً منسياً في ذاكرة وزارة النقل وغيرها من الجهات التي لها علاقة، وما يثار من تبريرات بعدم وجود اعتماد مالي لهذا المشروع أمر غير مقبول في ظل الميزانيات المليارية التي تحظي بها مشاريع النقل، ولا يجب أن يعامل مثل هذا المشروع (الطارئ) بمنطق الانتظار والتأجيل والمماطلة؛ فهو شريان مهم في العاصمة، وإن فشلت الوزارة في التعامل السريع مع آثار الحدث فهو فشل لجميع الجهات الرسمية في العاصمة، ومهما كانت المبررات سيبقى شاهد عيان على أن بعض الجهات، ومنها وزارة النقل، عاجزة عن التعامل مع الأحداث والأماكن بما تستحقه من اهتمام وأولوية.
** ويبقى الأمل أن تتحرك إمارة الرياض في الضغط على وزارة النقل للبدء في المشروع الذي نعلم أنه سيتعثر عشرات المرات، ولكن أن يبدأ الآن خير من أن يبدأ بعد عشر سنوات.
alonezihameed@@alonezihameed تويتر