مع اقتراب إجراء الانتخابات في إيران، التي لن تقتصر هذه المرة على الانتخابات الرئاسيَّة، فسوف ترافقها انتخابات المجالس البلدية واختيار مجالس المدن والمناطق، فإنَّ من يمسكون بزمام الأمور في إيران، ومن غيرهم عصابة الحرس الثوري والباسييج، والملالي الأكثر تشددًا والذين ينتظرون غضبًا شعبيًّا من جميع الشُّعوب الإيرانية، بعد أن شعر كل من يقيم في إيران بأن العصبة الحاكمة فصّلت انتخابات على مقياس النظام، فمن الآن يجزم متابعو الشأن الإيراني بأن سعيد جليلي سيكون الرئيس القادم، وأن مجالس المدن والبلدية ستؤول إلى المحافظين المتشددين لإحكام قبضة مؤيدي المرشد وغلق إيران تمامًا وفق التوجُّهات الطائفية الضيقة والطاعة التامة لولي الفقيه.
ولهذا فقد عمدت أجهزة النظام وبالذات أجهزة المخابرات التي يطلقون عليها في إيران اسم (الطلاعات) على رفع تدخلاتها وتحرشها بدول الجوار لخلق مشكلات تجعل أنظار الإيرانيين تتجه إلى الخارج حتَّى لا يتابعوا ما يحصل في الداخل.
ومن أكثر الأساليب التي يلجأ إليها ملالي طهران عندما يريدون توجيه الأنظار للخارج، هو تكثيف عمليات التجسس والتدخل بصورة سافرة في الشؤون الداخليَّة لدول الجوار لافتعال مشكلات كبيرة، وهو ما لاحظناه في الأيام الأخيرة، بعد أن توالت عمليات كشف شبكات التجسس الإيرانية سواء في المملكة العربيَّة السعوديَّة أو في البحرين أو اليمــن أو الكويت.
ففي المملكة أثار العدد الكبير للجواسيس، الذين وصل عددهم إلى 30، منهم 27 مواطنًا خانوا الانتماء الوطني على حساب الانسياق وراء الولاء الطائفي الذي يهدم الوحدة الوطنيَّة ويجلب البلاء لطائفة الجواسيس أكثر ما ينفعهم، وفي تزامن مشبوه مع وقت الكشف عن شبكة التجسس الإيرانية في السعوديَّة تم العثور على طائرة تجسس إيرانية دون طيار شمال البحرين بالقرب من المملكة وهو ما يؤكِّد إصرار نظام طهران على التدخل في الشأن البحريني، أما في اليمن فما فتئ الرئيس اليمني يشكو مرّ الشكوى من شبكات التجسس والتدخل السافر في الشؤون الداخليَّة شمالاً وجنوبًا، وفي الكويت يتواصل الكشف عن شبكات التجسس الإيرانية وتمُّ الحكم على الجواسيس دون أن يرتدع ممَّن يفضِّلون ولاءهم الطائفي على الانتماء الوطني.
الإصرار الإيراني على تخريب الأمن والاستقرار في دول الخليج العربي والمنطقة العربيَّة يَتطلَّب وقفة عربيَّة صادقة وجادة دفاعًا عن الأمن القومي العربي حتَّى لا تصبح الدول العربيَّة مرتعًا لشرور إيران، كما حاصل الآن في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين.
jaser@al-jazirah.com.sa