|
يمدح الإنسان بما يحمله من صفات الأخلاق الرفيعة ومنها ألا يكون سريع الغضب لأتفه الأسباب، ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأخلاق في إحدى خطبه قال: «يكون الرجل سريع الغضب، قريب الفيئة، فهذه بهذه، ويكون بطيء الغضب، بطيء الفيئة، فهذه بهذه، فخيرهم بطيء الغضب سريع الفيئة، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيئة» أخرجه أحمد (11587) والترمذي (2191). والفيئة هي الرجوع فمن كان إذا غضب رجع بسرعة عن غضبه وعجلته، فهذا ممدوح على فعله وهو من خير الناس، وعلى الانسان إذا غضب أو استُغضب أن يضبط عواطفه عند الغضب ولا يسيء لأحد، ولا يتلفظ بسوء، وإذا وقع في الخطأ أو غضب لسبب فلا يطول عليه الأمد ولا يتراكم على قلبه هذا الفعل، بل يعود إلى الحق ويرجع إلى الصواب. وحال المسلم أن يكون رفيع الأخلاق يسارع إلى الرجوع عن غضبه ولا يستمر فيه ولا يدخل في خصومه أو يتمادى في جدل، لأن من صفات أهل النفاق أنه: «إذا خاصم فجر» كما في الحديث المتفق على صحته. والفجور هو الميل في الحق والاحتيال في رده، وهذه حال من سيطر الهوى على قلبه أو أطبقت الشبهة على فكره، إذا وعظ لا يتعظ، وإذا ذُكِّر لا يتذكر.
كم يكون عظيماً أن يغلب حلم الرجل على غضبه، وعفوه عن انتقامه، كم يكون عظيماً أن يتغاضى العاقل عن الزلات والهفوات ولا يجعل منها سبيلاً إلى إساءة الظن، كم يكون عظيماً أن يتغلب العاقل على عواطفه التي تدعوه للثأر من كبوة يراها.
فما كثرت الأحقاد بين الناس واعتدى بعضهم على بعض حتى وصل الحال ببعضهم إلى القتل إلا بسبب الإصرار على الرأي وأخذ الثأر ولو بالباطل، أو الانتصار للنفس بغير حق، إن ذلك لمن زُلت القدم والانسياق للطباع الغضبية، والانقياد وراء المؤثرات الاجتماعية، ولكن العاقل يقول: من أساء فليحسن، ومن قطع فليصل، ومن حَرَم فليعفو، ومن أذنب فليستغفر.
- وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية