تجمع الدول الست (المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، مملكة البحرين، دولة قطر، الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان) المؤسسة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية متشابهات عديدة، ابتداءً من جذور أصول مجتمعاتها العربية الإسلامية، وتطابق أشكال أنظمتها واقتناعها وشعوبها بوحدة مصيرها وهدفها المستقبلي، عن طريق التنسيق والتعاون والتكامل المشترك، وتحقيق طموحاتها نحو مستقبل أفضل لشعوبها، وبالتالي وصولاً للهدف الأمثل بتحقيق وحدة دولها بعد تخطِّي مرحلة التطور والتعاون والتكامل، باستخدام كل الآليات الممكنة لهذه الأهداف السامية التي أُنشئت هذه المنظمة العربية الإقليمية من أجلها بعد بلوغها عمر الثانية والثلاثين، وبدء مرحلة النضج الكامل لكل مؤسساتها العملاقة من عسكرية واقتصادية وسياسية، لتقابل كل الأطماع والظروف والمسببات والأحداث الإقليمية والدولية، والتي تعود مرة أخرى لتدور في محيط خليجنا العربي بأكثر قوة وإصرار علني على إظهار أطماعهم التوسعية وأحقادهم الدفينة على منطقة خليجنا العربي وثرواته الطبيعية، مما يدعونا أن نعمق صحوتنا مرة أخرى لمواجهتها ودرء خطرها وإبعاد شرورها عن سواحل خليجنا، والذي يعيش حالة من ارتفاع ظاهر في مستوى أمواجه وحركة رياحه المتسارعة.
بعد مرور هذه الأعوام الطويلة من عمر مجلس التعاون الخليجي، تتحول بوصلة الأحقاد والأطماع الإقليمية لتصدر زفرات سامة من قلب دولة مسلمة جارة عاشت ظروف تحول طائفي ولتدفع مشعلها بناره المبطن بالحقد المجوسي الفارسي، والتوسع والامتداد نحو ساحلنا العربي بعقلية الولي الفقيه الذي سجل محضر سرقة الجزر العربية الثلاث، باسم تصدير ثورته المذهبية والمستندة على موروث النظام الشاهنشاهي السارق الأول للأرض العربية في جزيرة طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى الجزء البحري من دولة الإمارات العربية المتحدة، وبكل تحدٍّ يزور أحمدي نجاد رئيس النظام الإيراني أرض جزرنا ليثبت بذلك أركان جريمة السرقة دون أي رادع أو احترام للمجتمع الدولي ومؤسساته القانونية، لتحديد السيادة الوطنية للساحل العربي الشرقي من خليجنا العربي! حتى أن أصحاب العمائم البيضاء والسوداء من خطباء الجمعة في طهران وقم، تغيّرت لهجتهم من التلميح لإعلان أحقيتهم الفارسية في أجزاء من دولنا الخليجية، واعتبار بعضها كمملكة البحرين العزيزة المحافظة الرابعة عشرة في دولتهم الفارسية الطائفية، ويحلمون بتطبيق برامجهم التوسعية بآليات بشرية كامنة تمثل مجموعات (حزب الله) الإرهابي وتسخير منظومة متعددة في الإعلام الطائفي، وللأسف المؤلم أن (بعض) القنوات الفضائية الطائفية تبث سمومها من على أرضنا العربية الخليجية لتلوث فضاءنا ببرامج التهديد والتحريض، محاولة بذلك تفكيك وحدتنا الوطنية الخليجية بأكاذيب من الحيل التصويرية لأحداث خيالية، لخداع الرأي العام الإقليمي والدولي بأحقيتها للدفاع عن المظلومية المذهبية الطائفية لطابورها الإيراني الخامس والمزروع بين مجتمعاتنا الخليجية، وهدفها إثارة الفوضى الأمنية بتسخيرهم لهذا الغرض الإجرامي، ومعها يسقط القناع المزيف عن وجوه ملالي طهران وقم وعملائهم والمأجورين في «بعض» المناطق من خليجنا العربي، والذين تنكروا لكل المكارم التي قُدمت لهم من عفو عن جرائمهم الإرهابية حتى أصبحوا يشكلون كياناً سياسياً هاماً في بعض دول الخليج العربي بفضل فضاء الحرية، وسلكوا الطريق المظلم في التآمر والعمال المأجورة للأجنبي، وخانوا الوطن الذي احتضنهم وشاركهم في مكتسبات وحقوق المواطنة التي لم يصونوها بتآمرهم مع عملاء حزب الله واطلاعات الإيرانية.
ونحن نحتفل بحلول الذكرى الثانية والثلاثين لمسيرة الخير لحلمنا الخليجي، والظروف السياسية المحيطة بدولنا والملبّدة بغيوم الأطماع والتهديد والعدوانية من الساحل الشرقي لخليجنا العربي، وكل السيناريوهات الإقليمية المطروحة والتي يشاهد تقاطعها في الظاهر والتقائها سراً في محيط خليجنا بالأطماع المتكالبة على ثرواتنا الطبيعية، وتبادل إسرائيل وإيران التهديدات كذئاب الثلج الجائعة، وبشكل مسلسل فكاهي قد ينطلي على بعض المبتدئين في عالم اللعبة السياسية والمصدقين بأنّ إيران قد تدخل يوماً في حرب مباشرة مع إسرائيل وأمريكا من أجل تحرير أرض فلسطين، ولا أرى أي سبب مقنع لذلك بخوضها هذه المغامرة التي قد تؤدي بإيران إلى الجحيم.
وأما هذه المتغيرات التي تعيشها منطقتنا الإقليمية والأحداث العدوانية المبنية على التهديد والتحريض والتدخل في شئوننا الداخلية، وتعريض وحدة شعبنا الخليجي الواحد لحركات طائفية منبوذة في مجتمعاتنا الموحّدة، من أجل درء كل هذه المخاطر والتهديدات، تجددت الإرادة لدول مجلس التعاون للخليج العربي والتي ترجمها وبشجاعة وحكمة نداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) في قمة الرياض، بدعوته الكريمة للانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان قوي متماسك يلبي تطلعات وآمال شعبنا العربي الخليجي.
ضمن تكتل تنظيمي يعتمد الكونفدرالية شكلاً مرحلياً لاتحاده عسكرياً واقتصادياً، وبسياسة خارجية موحدة تعلن قرارها الخليجي الواحد أمام القضايا العربية والإقليمية والدولية، وأن يتحقق هذا الحلم المصيري في عامنا المبارك هذا، وتسجل الذكرى الثانية والثلاثون لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإعلان حصاد الخير وتقليد الدرة الثمينة في تاجنا الخليجي (الاتحاد العربي الخليجي) رمز قوّتنا ودرع وطننا ورايته الموحّدة، رسول سلام ومحبة وتضامن مع كل شعوب العالم المحبة للحرية والأمن والسلام، وظهور قوة اقتصادية وعسكرية رادعة في منطقتنا الإقليمية يهابها البعيد قبل القريب ... كل التقدير للجهود المباركة التي بذلها الأمناء العامون منذ التأسيس حتى عامنا هذا، والذي ينتظر فيه كل مواطني خليجنا العربي البشرى بإعلان تكوين دولة اتحاد الخليج العربي المنتظر بصوت الأمين العام الحالي معالي الدكتور عبد اللطيف الزياني.
عضو هيئة الصحفيين السعوديين وعضو جمعية الاقتصاد السعودي