بداية هذا الأسبوع كانت غير عادية لدينا في وحدة الحماية الاجتماعية بمنطقة الرياض عندما تم تحويل مجموعة من النساء المتسوّلات مع أطفالهن تم القبض عليهن من رجال مكافحة التسوّل إلى الوحدة لدراسة وضعهن الأسري وأسباب تسوّلهن المتكرّر وعدم الخوف من القبض والعقاب والسجن لأسابيع! المرارة في الموقف أحد النماذج المؤلمة تسوّل أم مع أطفالها الستة بسبب الفقر وعدم عمل الأب الذي أهمل حتى إضافة أطفاله في سجله المدني، وأصبحوا الآن بدون هوية وبدون تعليم! واستغل عددهم في التسوّل في الشوارع استجداءً لعطف الناس في الطرقات عند الإشارات وتحت حرارة الشمس، ولم يتقِ الله في أسرته والأمانة التي لم يرعها! والمؤلم أكثر أن هناك كثيراً من القرارات الصادرة من وزارة الداخلية بشأن الحد من ظاهرة التسوّل والتنسيق مع الجهات الأمنية ووزارة الشؤون الاجتماعية في دراسة هذه الظاهرة والحد منها، إلا أنه للأسف الشديد لم تجد العقوبات المقرَّرة بشأنهم نفعاً، لأن تسوّل النساء والأطفال في الشوارع يحتاج لوقفة جادة لأننا في بلد الخيرات والمحسنين وفاعلي الخير، وخيراتنا تمتد للخارج لمساعدة المحتاجين والفقراء، لكن المحتاجين لدينا من النساء فضَّلوا اللجوء للتسوّل على العمل الشريف! وهذه الفئة المُستغلة من رجالها بحاجة لتطبيق أشد العقوبات بشأنهم والأولى عند القبض المتكرر على أي متسوّلة مع أطفالها يتم عقاب الرجل المسؤول عنهم وليس سجن المرأة وأطفالها ونقلهم من مركز لآخر بهدف تأديبهم وخصوصاً أن هناك حالات مستعصية تعوّدت على التسوّل ولا تتقبل أي مهنة بديلة عنها لأسباب كثيرة منها مثلاً “دخل التسوّل بالآلاف أسبوعياً وخصوصاً في المواسم الدينية، والوظيفة التي سترشح لها فتاة غير متعلّمة ولا خبرات وظيفية لديها لن تتجاوز الألفي ريال في الشهر” التي قد تذهب أغلبها لتأمين المواصلات التي تعاني منها أغلب النساء العاملات وبخاصة ذوات الدخل المتوسط! ولا أنسى إحدى الفتيات المتسوِّلات تبلغ من العمر “22” عاماً والمقبوض عليها لتكرار تسوّلها لأكثر من 15 مرة، عندما قالت لي: حتى لو سجنوني شهوراً لن أتوب من التسوّل لأنه يمشي في دمي لأنني من سنتين أتسوّل مع أمي في الشوارع! هذه الفتاة مثل غيرها ضحية للفقر والبطالة وعدم التخطيط المدروس لاحتواء الفقراء وتوجيههم للمهن المناسبة لهم لكي تدّر عليهم دخلاً يشبع حاجاتهم الضرورية! لأنهم يبررون استمراريتهم في التوّل كمهنة مربحة بمبررات قوية فإحداهن تقول “من يؤكل عيالي الصغار، أبوهم مريض ولا يعمل وجمعية البر كل ثلاثة أشهر تعطينا كيس رز واحداً”! وتلك الأم التي تحمل رضيعها بين يديها وهي ما زالت في فترة النفاس وهي تبكي أمامنا ترجو إطلاق سراحها لأنها تتسوّل لشراء حليب لرضيعتها! فعلاً إنها قضية مُخزية بحق بلدنا لأن علاجها ليس بالضبط والحجز والسجن فقط، بل لا بد من التحرّك القوي لمعالجتها فهي تمُس أمن الوطن بالدرجة الأولى، والجهات المباشرة لها ما زالت مُقصِّرة جداً!
moudyahrani@ تويتر