قبل سنين طويلة كان الفنان يحلم أن يجد له صالة عرض يقدم فيها معرضه رغم شح الزوار وقلة الإعلام.
وجد البعض في صالات الأندية الرياضية مخرجا ورئة يتنفس من خلالها كما وجد البعض في صالات الفنادق ما يشبع رغبته ويغري الزوار للحضور خصوصا في فترة لم يكن لمثل هذا الحجم من الفنادق العالية المستوى والمشتملة على قاعات مختصة يمكن تحويلها إلى صالات عرض، إذ لم يكن هناك سوى فندق اليمامة وفندق زهرة الشرق الذي احتضن مغرض الرابع والمعرض الأول للفنان عبد الله حماس عام 94هـ74م، تبع ذلك مرحلة جديدة في جانب الاهتمام بصالات العرض كان أبرزها صالة الفنان الراحل محمد السليم وغيرها وصولا إلى ما نحن عليه من زخم وتكاثر وتنافس في مدننا لكبرى وقد تكون جدة الأبرز والأكثر عددا، يليها الرياض.
هذه القاعات الحقيقية المفعلة على ارض الواقع لم تؤسس حبا في هذا الفن أو دعما له فأصحابها يبحثون عن اكبر قدر من الكسب المادي على حساب الفن أو الفنانين، أو الكسب الإعلامي الذي أصبح عوضا عن أي خسارة ففيه شيء من النرجسية والتميز، ومع أن كلا المكسبين لم يكونا بقدر ما قدر لهم قبل التأسيس فالبعض لا زال يكافح ويصر على البقاء، وقد يكون أفضلهم أو أريحهم بال ممتلكي المكان، عكس من يدفع إيجارات وخلافها، مع عجز في مردود المعارض التي تقام فيها، حتى لو كان ما يتحقق من بعض تلك المعارض اقل مما يغطي التكلفة فكيف بما تبقى من التزامات.
أما اليوم فالأمر مختلف وسبل التسويق لم تعد حكرا على صاحب صالة أو جاليري، وإنما على اجتهادات الفنان وقدرته على التعامل مع سبل التواصل والتعامل مع التقنيات الحديثة، بذلك أصبح الفنان مديرا لإبداعه، يصل إلى المقتني بلمسة زر وبشطارته في معرفة إيميلات المقتنين، ولم يتوقف اأامر عند هذا الحد بل وصل إلى التواصل مع صالات عرض عالمية، ومهندسي ديكور ومجالات متخصصة عالمية، تمكنه من الانتشار بما تجود به يده وجيبه وبطاقة الفيزا.
اذا ماذا يتوقع لصالات العرض التي لم تعد كما كانت سابقا (عالميا) كما نشاهده عن قرب في أكثر من مناسبة وفعالية عالمية، تراجعت فيها فرص التسويق، إلى أن وصل بعضها إلى تأجير الأعمال الفنية من مقتنياتها، بدفع مقابل لعرضها السنوي في بعض المؤسسات التي لا ترغب في الاقتناء الدائم.
أما واقع صالاتنا فيمكن التعرف عليه بعد افتتاح أي معرض، إذا تصبح خالية الوفاض، لا يسمع فيها سوى صوت همس أجهزت التكييف أو حركة عامل النظافة، تشعر الأعمال الفنية فيها بالضجر والملل.
monif.art@msn.comفنان تشكيلي