(الدرعمة) هو الاتباع بغباء، وهو تصرف يدل على البلاهة والغفلة والسذاجة، والاتّباع دون وعي. وقد شاع استعمال هذا اللفظ في (تويتر) هذه الأيام، ليشير إلى التّبّاع السذج الذين يتّبعون (النجوم) وما يقولون دون وعي أو تمييز، فهم يسيرون وراء النجم ويتّبِعونه أينما اتجه، وآذانهم وعيونهم فضلاً عن عقولهم مغلقة، أو هي بلغة شعبية أدق (مجيمة)، فالصواب ما يقول، وما يقوله هو الصواب، حتى وإن تناقضت مقولته اليوم مع مقولته بالأمس، كصاحبنا الذي برّأ ابن لادن والقاعدة من التكفير، وترحّم على ابن لادن طمعاً في مؤازرة التكفيريين، فصفقوا له و وقفوا معه، وأثنوا على موقفه الشجاع، وعندما (هَوّن) معترفاً أنه لم يكن يعلم أن ابن لادن كان يُكَفّر، وحينما (جابوا له كتباً) وقرأ، عاد وأقرّ بأنه - بالفعل - تكفيري، ولم يعد يترحم عليه - جزاه الله خيراً - فصفقوا له مرة أخرى, وأثنوا على شجاعته في قول الحق، وأنه (اسم الله عليه): لا يخاف في الله لومة لائم!.. كذا!
وفي تقديري أن المدرعم يتعامل مع النجوم وعاظاً أو لاعبي كرة أو مطربين أو مطربات أو ممثلين أو ممثلات أو حتى فتيات غلاف بنفس المعايير؛ فهو سيُدافع عن نجمه، وسيشتم كل من انتقده أو قلل من شأنه، ولا يعنيه أن يكون ما يقوله صواباً أم لا، فالمكابرة والمغالطة والجلجلة هي شروط ضرورة، لا يعتبرُ (مدرعماً) أصيلاً إلا بها.
ويُحكى أن (مدرعماً) كان مشهوراً بالغباء والغفلة والحمق، وكان مُعجباً بنجم صحوي يقال إنه إخواني صرف، ومشهور عنه كثرة التقلب وتغيير توجهه السياسي حسب اتجاه الرياح. ولأن نجمه كان (يُصفق) للقرضاوي الشيخ الاخونجي المعروف، ويُقبل رأسه، وفي رواية أنه يقبل يديه إذا لم يكن حوله أحد (يستحي منه)، ويراه عالماً فقيهاً، وزعيماً مهاباً، كان صاحبنا يُردد ما يقوله القرضاوي وكأنه الصدى، ولسان حاله يقول:
(إذا قالت حذامُ فصدقوها
فإن القول ما قالت حذامُ).
غير أن الواعظ الشهير، نجم صاحبنا المدرعم، رأى أن جماعـة الإخوان على وشك السقوط، وفي وضـع مخجل، تخلوا فيه عن كل ما كانوا يقولون ويُيشرون به، وانكشفوا عند المصريين وغيرهم، وأن مواقفهم تزداد تأزما مع مرور الوقت، وقيمتهم تتداعى، قرر (الداعية)المتقلب ذات ليلة أن يتخلى عن الإخوان ويدير لهم ظهر المجن. أما صاحبنا (المدرعم) فأسقط في يده، نجمه المفضل الذي كان (يدرعم) خلفه ووراءه أينما حلَّ وارتحل، وجد أنه انقلب من جديد وترك الإخوان وعاد إلى السرورية، ومشايخ السرورية، واجتماعات السرورية، بعد أن كان قد تركها، ويسخر بأساطينها، وبسطحية وسذاجة أتباعها، فوجد (المدرعم) نفسه في وضع لا يُحسد عليه، أو كما كان يصف موقفه (بحلنا بفضيلته)، فاستيقظ ذكاؤه فجأة، بعد أن شعر أنه أصبح (مضحكة للي يسوى واللي ما يسوى) كما كان يُبرر، خاصة وأن تقلّبات نجمه الداعية أصبحت لا تُحتمل، أو كما كان يردد: مصلعة!
هؤلاء المدرعمون لمن رصد مواقفهم وتقلباتهم غُثاء كغثاء السيل، تستطيع أن تحشدهم بسهولة ويسر ولكنهم يتفرقون عنك - أيضاً - بسهولة ويسر؛ ولعل أدق صورة (للمدرعمين) أولئك الذين كانوا يصفقون لنصر الله وحزبه، ويكتبون فيه القصائد الطوال، والمدائح التي رفعت من قدره حتى أصبح كصلاح الدين، وعندما تبيّنت لهم حقيقته، وتوجّهت فوهات بنادق جنوده لا إلى إسرائيل وإنما إلى السوريين، تحولوا فجأة إلى أعداء لنصر الله وحزبه، وأصبح بطلهم المغوار الذي لا يشق له غبار بين ليلة وضحاها (نصر اللات) الخبيث المخبث!
وختاماً أقول لأصحابنا الصحويين الذين يُغيّرون مواقفهم، وجلودهم، بل ومبادئهم، ناهيك عن تحالفاتهم، حسب اتجاه الرياح: صدقوني إن السيل العرمرم، لن يُبقِ من الوادي إلا أحجاره.
إلى اللقاء.