لقد أنعم الله تعالى على طالب العلم بتيسير الأمور وبركة الأيام ونفع الأنام وهداية الناس، وتربية الناشئة وتوجيه البشرية لخيرها في الدنيا والآخرة، يقول عليه الصلاة والسلام: (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله تعالى به طريقاً إلى الجنة) «رواه مسلم».
على هذا النهج سار أبناؤنا الطلبة وبناتنا الطالبات، إذ كان حلم الطالبات دوماً أثناء مراحل التعليم العام خصوصاً أن يصبحن طالبات يُشار إليهن بالبنان، وكان أهالي أولئك الطالبات يأملون في بناتهم أن يكن مبدعات متفوِّقات دراسياً.
وغير خاف ما تحظى به طالبات اليوم من توافر وسائل طلب العلم النظرية والتطبيقية، إلى جانب الوسائل التقنية والاتصالات والمواصلات.
ولكن وللأسف، فقد أشارت إحدى الاستبانات الحديثة إلى أن متوسط ما تقرأه معظم الطالبات هو ثلاث صفحات يومياً فقط، وذلك نظراً لازدحام جدولهن اليومي بأمور أخرى ربما كانت أكثر أهمية من الدراسة في نظر أولئك الطالبات، كالانشغال بالزينة والجمال والموضة والإنترنت والقنوات الفضائية والتسوّق وما شابه ذلك.
وهنا يبرز دور ومسؤولية الأسرة والمدرسة من خلال الوالدين والمعلمات في تنوير هؤلاء الطالبات وإرشادهن للاستفادة من أوقاتهن في التحصيل الدراسي الجيد والمنظَّم.
ثم من الملاحظ أن أغلب الطالبات يشكون عدم قدرتهن على التحصيل الدراسي بشكل جيد، وقد لا يشكِّل ذلك هماً في بداية العام الدراسي، بيد أنه وعند قرب الاختبارات يبدأ القلق.
أختي الطالبة: إن القلق سُنَّة كونية وفطرة بشرية، لا يخلو منها كائن أو مخلوق.
فالجميع يقلق من شيء معيّن، بيد أن هناك نوعاً من القلق يعدّه المختصون قلقاً إيجابياً، ذلك الذي يدفع صاحبه للجد والحرص والاجتهاد والمواظبة.
ومن ثم فإن للاختبارات قلقها الخاص لدى الطالبات كافة، وما يؤكّد ذلك حالات الاستنفار وصفارات الإنذار التي تنطلق في البيوت وعند الأسر قبيل موعد الاختبارات.
إن معظم اللائي يسيطر عليهن شبح الاختبارات هن ممن قصرن في تنظيم أوقاتهن وإنجاز مهماتهن الدراسية أولاً بأول.
إذ إن أغلب الطالبات تتكاسل وتؤجّل حتى تجد الاختبارات على الأبواب، فيسقط في يديها ويعتريها الهم والقلق.
إن قلق الاختبارات يتجدّد مع كل اختبار، سواء كان دراسياً أو وظيفياً، بيد أن الجاد المنظّم لا يعنيه هذا القلق كثيراً، فقد أمضى من أيامه وأسابيعه وأشهره الوقت الكافي للاستذكار والمراجعة والاستعداد لأي اختبار.
لقد قيل: مَنْ جدَّ وجد، ومن زرع حصد.
وقيل: عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.
وقيل: من طلب العلا سهر الليالي.
إن هذه الأقوال تؤكِّد ضرورة الاستعداد المبكر والمذاكرة الجادة والمتابعة الدقيقة، حتى لا تضطر الطالبة إلى أن تكتوي بنار القلق.
أخواتي الطالبات: قيل: اسأل مجربا. لذا فإني أوصيكم بأن تسألن أخواتكن وزميلاتكن ومعلماتكن عن جدوى التنظيم والاستذكار المبكر، وعن مآسي الكسل والتواني، اسألنهن عن تحصيلهن، عن معدلاتهن، وعن مستوياتهن، واعرفن الأسباب التي أوصلت المتفوِّقة إلى ذرى التفوّق، وهوت بالكسولة إلى مستنقع التأخر والتقهقر.
ختاماً أقول: إن الدراسة والعلم مكسب وأي مكسب فهما الطريق الصحيح للمعرفة النيِّرة، بيد أن طريق العلم يستلزم إعداد العدة والاستذكار والمراجعة، حتى نسلم من قلق الاختبارات ونكون جيلاً مؤمناً من المثقفات الواعيات الحريصات على الجد والنظام، يقول عليه الصلاة والسلام: (ما من خارج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضىً بما يصنع) «رواه الترمذي وصححه، وابن ماجه واللفظ له، والحاكم، وابن حبان».
- المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية