انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي حكاية المدير العام للبريد الممتاز في المملكة الأستاذ حمد البكر، وشكره معظم المغردين في تويتر على ما قام به تجاه عروس حريملاء، والحكاية لمن لم يقرأها، هي أن الأستاذ البكر تلقى رسالة على صفحته بتويتر من فتاة تقول فيها: السلام عليكم، هل يرضيك أن يفسد البريد السعودي فرحة عروس في ليلة زفافها؟». ليرد البكر:»طبعاً لا»، طالباً منها تزويده برقم الإرسالية، وبعد أن راجع مع موظفيه هذا الرقم، اكتشف أنه طرد يحتوي على فستان عروس، مرسل منذ خمسة أيام ولم يصل بعد، بل إنه لم يتزحزح من مكانه، فاضطر المدير العام للبريد، تكفيراً عن رداءة خدمات البريد الممتاز أن يبادر مشكوراً بحمل الطرد بنفسه إلى مقر العروس في بلدة حريملاء!
حتماً لهذا المدير النبيل الشهم حق علينا بأن نشكره بامتنان، لإحساسه بالمسؤولية، وكذلك علينا أن نشكر «الباب مفتوح»، وأعني موقع تويتر، الذي أوصل صوت هذه الفتاة، وربط المسؤولين بالمستفيدين من الخدمات، ولكن علينا أن نتوقف قليلاً أمام ما حدث، فمن جهة قد يعطي هذا المدير انطباعاً جيداً لدى موظفيه، ويكون نموذجاً وقدوة لهم، وهذا صحيح بالنسبة للموظفين الذين لديهم ضمير حي، وقد يراه آخرون بأنه قام بعمل من أعمال الـ «شو» التي يريد أن يلفت بها انتباه الآخرين، وبالذات المسؤولون أصحاب القرار.
كل هذا لا يهم، فالمهم أن هذا الرجل النبيل قام بفعل إنساني جميل، وأدخل الفرح على قلب فتاة في ليلة عرسها، وربما الأكثر أهمية هو أن على هذا المدير أن يقيم الدنيا، ولا يقعدها، على موظفيه المتسببين في تأخير وصول هذا الطرد، وخصوصاً أنه مرسل عن طريق البريد الممتاز، وهي الخدمة الأعلى تميزاً، لدى البريد السعودي!.
لماذا تأخر هذا الطرد خمسة أيام، وهو مرسل ضمن خدمة يفترض أن يحسب وصوله بالساعات، وليس بالأيام، فعلى هذا المدير المحترم أن يدرك أنه ينافس شركات بريد سريع متميزة وعالمية، صحيح أنها تقدّم خدماتها بأسعار عالية قياساً بالبريد الممتاز، لكنها منضبطة في إيصال البريد في وقته، ولا يكفي أن يتميز البريد الممتاز عن شركات التوصيل العالمية للبريد السريع، فقط بكلفة الطرود والرسائل، بينما يتأخر عنها بدقة التوقيت، وجودة الأداء.
هل يتحرك مدير عام البريد الممتاز، ويقرّر العقوبات على الموظفين المتسببين في تأخير الرسائل والطرود، أم أنه يترك الأمر لرئيس مؤسسة البريد السعودي نفسه، ما أعرفه، وأجزم به، هو أنه يجب أن تتم معالجة خلل تأخير الرسائل وضياعها في هذه المؤسسة، للحفاظ على ما تبقى من المواطنين المستخدمين لهذه المؤسسة العريقة.
