استعدت روائع الشاعر عمر أبوريشة الإبداعية التي أشجت أمته متغنيا بأمجادها مدافعا عنها بين الأمم ولعلني حفظت من قصائده الكثير وتأتي قصيدته بعد النكبة التي كتبها في عام 1948والتي يقول فيها:
«أمتي هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق
خجلاً من أمسك المنصرم».
ولعلنا هنا لا نعرف بالضبط الخجل هل هو من الماضي المجيد للأمة أم أنه يريد أن يكون الماضي القريب على شاكلة ذلك المجد الغابر وههنا ينتفض الشاعر ليشمخ بكل كبرياء بقوله:
«وتهاديت كأني ساحب
مئزري فوق جباه الأنجم».
ثم يسحبنا إلى موضع الحزن واليأس حينما يصرخ بأسى..
«أمتي كم غصة دامية
خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف
فإنه الآسي فلم يلتئم».
ثم يستحث أمته ليدعوها للنهوض؟
«أوما كنت إذا البغي اعتدى
موجة من لهب أو من دم
فيم اقدمت وأحجمت ولم
يشنف الثأر ولم تنتقمى
وهكذا يدعو أبوريشة أمته الخالدة للتفاؤل
«اسمعي نوح الحزانى واطربي
وانظري دمع اليتامى وابسمي
رب وامعتصماه انطلقت
ملء أفواه البنات اليتم
لامست اسماعهم لكنها
لم تلامس نخوة المعتصم».
ثم ترتفع حده العتب عند الشاعر على أمته
«أمتي كم صنم مجدته
لم يكن يحمل طهر الصنم».
ثم يذكّرنا
«لا يلام الذئب في عدوانه
ان يك الراعي عدو الغنم»
بعد ذلك يأخذ الشاعر جندي بلاده ويكفكف دمعه مربتا على ظهره:
«أيها الجندي ياكبش الفداء
ياشعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالنفس اذا
طلبتها غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله
شرفاً تحت ظلال العلم».
وأخيراً حينما قرأت قصيدة عمر أبوريشة تذكرت ذلك العصر الذي فيه كان الشعراء يكتبون إلى جنود بلادهم، أما اليوم فلا أحد يتذكر جنود بلاده وحماة أمته إلا في المناسبات أو عند الحاجة.