ترحل إثرها الأيام؛ لتطوي صفحات حياته، وتفقد الأرض سجوده، والسماء دعاءه، ويرحل عن دنيانا بجسده عنا، وفق سنة الحياة، وحتمية الموت لمن يتدبر، ويتعظ. فهي الدار ذات البابين، تأخذ بتلابيب الإنسان إلى الدار الآخرة، فنجتمع للعزاء في رحيل أجسادهم، دون أن يحيرنا سؤال المسير، والمصير، أو يسقط من حساباتنا حتى حينما نواجهه، كونه القدر الذي لا مفر منه: «لكل أجل كتاب».« خالد بن عبد العزيز الفهد السعيد «، لن نراك بعد اليوم بالأبيض، والأسود، ولا بباقي الألوان؛ لأن الحياة تسير بهذا الاتجاه نحو الأمام، فتدفعنا إلى القبور، دون الاسترجاع إلى تفاصيل الوداع، وما يعتريها من اختلاط مشاعر الحزن بالدهشة بالأسى، أو الألم على من فارقنا، فأفقرت الدنيا منه، وفق معادلة تقودنا إلى أن ذروة البقاء، لا تكتمل إلا بهاوية الفناء.تقدر قيمتك أيها الفقيد بعد مماتك، بعدد المواقف التي وقفتها مع نفسك، بكل نداء إلى فعل المكرمات، وصداقات عمر تراكمت على مر السنين، استدعتك بكل عروقها الخضراء النابضة. وكنت موفقا للخير عندما فطنت حقيقة الحياة، ورسمتها أمام عينيك، وحملت في مضامينها أشجانك، وهمومك، وقضاياك التي شكلت هواجسك، فغابت الدنيا عن عينيك، وحضرت الآخرة في قلبك.
سنطيل البكاء على هاتيك المواقف الإنسانية، بعد أن انقادك القدر إلى مشيئة الموت، وبعد الموت تكون الحياة، باعتبار أن الموت جزء من الحياة، كما أن الحياة جزء منه. وسنقدم العزاء الذي لن يطول، فكلنا على الدرب سائرون. سائلا الله - جل في علاه -: أن يبلغك مناك، وأن يجعل الجنة مأواك، وأن يلهم أهلك، وذويك، ومحبيك الصبر، والسلوان، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية