أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن تأصيل العقيدة به النجاة في الدنيا، وبه النجاة في الآخرة، وبه الحماية من الأخطار الهدامة، التي أعظمها الأخطار الأخروية عند لقاء الله جل وعلا.. قال تعالى: يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ، وهي الأخطار التي ربما هدمت كل العمل، وهدمت أكثر العمل، أو أوبقت الإنسان في النار والعياذ بالله، ومنها أخطار في الدنيا. وتأصيل العقيدة معناه جعلها أصلاً وأساساً في حياة الناس، وليس أمراً ثانوياً. وتأصيل العقيدة أن تُجعل هي الأصل، وتأصيلها في الناس أن تُجعل أصلاً في حياتهم، ينظرون بها، ويقيمون بها، ويهتدون بها وإليها.
جاء ذلك في مستهل المحاضرة التي ألقاها معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بعنوان (تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة) بعد مغرب يوم الخميس السادس من شهر رجب الجاري 1434هـ بجامع الإمام تركي بن عبدالله، بحضور سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء.
وواصل معاليه قائلاً: إن تأصيل العقيدة أن تكون هي الأساس في نفس المسلم، وأن تكون هي الأساس أيضاً في المجتمع المسلم، فالمجتمع المسلم يُبنى على ما يحبه الله ويرضاه، وأعظم ما يحبه الله ويرضاه صفاء القلب، وتوجُّه القلب والوجه إليه سبحانه، وذلك بالعقيدة الصحيحة الصافية. تأصيل العقيدة مهم؛ لأنه يحمي الإنسان من أن يوبق عمله، وأن يخسر ما يعمله عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ، هي تعمل وتنصب، ولكن أصابها الخطر تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً . تأصيل العقيدة مهم؛ لأن فيه دخول الجنة والنجاة من النار قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . تأصيل العقيدة به دخول الجنة والنجاة من النار، فتأصيل العقيدة في النفس، وفي المجتمع في حال الفرد المسلم، وفي حال الجماعة المسلمة، وفي حال الدولة المسلمة، يحمي الفرد والجماعة والدولة من الأخطار التي توبق الدنيا والآخرة.
ومضى معاليه قائلاً: إن العقيدة الإسلامية سهلة، ولكن كثرت الفرق والمخالفات، فكبر الكلام، وكثر الكلام في العقيدة، وإلا ففي الأساس هي تطبيق لأركان الإيمان الستة. والعقيدة إذاً هي الإيمان بما أوجب الله، الإيمان به من أمور الغيب، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ، وقال جل وعلا أيضاً: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ .
وأبان معاليه أن أركان العقيدة هي أركان الإيمان الستة، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، شارحاً كل ركن على حدة، ومؤكداً أن أعظم ما يُتقرَّب إلى الله جل وعلا به أن تجعل هذه النفوس التي خلقها الله جل وعلا موحدة له في ألوهيته وفي عبادته فلا يُعبد إلا هو، ولا تدعو دعاء العبادة إلا له، ولا تذبح ذبح العبادة والتقرب إلا له، ولا يرجى رجاء العبادة إلا منه سبحانه، لا يخاف خوف السر الذي لا يرتبط بأمور ظاهرة بأسباب ظاهرة إلا منه سبحانه وتعالى، وهكذا في أنواع العبادات. إذاً، التوحيد مهم جداً في حياة الناس، وله أعظم الأثر في الدنيا، وفي الآخرة. أما أثره في الدنيا فهو الحياة المطمئنة، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ، وفي الآخر أعظم أثر أن تموت وأنت لا تشرك بالله شيئاً: «من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة»، قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ؛ لذلك تأصيل التوحيد هو أعظم بر بالناس، وأعظم إحسان إلى الخلق، فالإحسان إلى الخلق بالصدقة إحسان، لكن بنجاتهم في الدنيا والآخرة بتأصيل توحيد العبادة هذا أعظم بر وإحسان إليهم، وأعظم نفع لهم.
وأردف معاليه يقول: فالذي يعلم التوحيد، ويعلم هذه العقيدة، سواء في المساجد أو في المحاضرات هم الأنبياء والمرسلون - عليهم الصلاة والسلام - وورثتهم؛ لذلك حماية هذا الأصل واجبة فتأصيل توحيد الإلوهية في الناس واجب؛ لأن به سعادة الناس في الدنيا وسعادتهم في الآخرة، فالأفراد يجب عليهم أن يهتموا بذلك، وكذلك الجماعات التي تعمل للإسلام في كل مكان يجب أن يهتموا بتنقية النفوس لتكون لله جل وعلا وحده، وأن يكون عنده تمييز بين الحق والباطل في التوحيد. وله الأثر الكبير في الدولة؛ لأن الله - جل وعلا - وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات كما قال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ، فأي ثمرة أعظم من الأمن الوافر في ثمرة دنيوية؟ إضافة إلى إرسال الأمطار وخيرات السماء والأرض وفتح كنوز الله جل وعلا من السماء والأرض.