ليس ثمة ما يرقى بالمجتمع البشري في جماعته القليلة، والكثيرة إلا أن يكون قوام أمره الأخلاق..

من مظاهر الأخلاق عدم الاستلاب، وهو هنا صورة من صور السرقة..

يأتي هذا المعنى لينصرف في حفظ حصاد من يعمل، ليس المادي بل كل حق له في نتائج عمله، وبصمات سعيه، وجهد بذله، فلا يسند عمل لفرد إلى غيره، ولا يوسم فعل بغير فاعله، ولا يرقى من كان على كتف سواه..،

من الظواهر التي تُلحظ منتشرة هي أن البناء الإداري في مؤسساتنا لا يتنامى..، إذ غالباً كل رئيس يأتي، ينقض ما فعل غيره، وإن أبقى منه الثمر الجيد فإنه في معمعة ما ينقض يطوي سيرة من سبقه ليرده إلى ذاته..

والأشد فتكاً بالقيم في خلق التعامل مع خبرات السابقين، هو اقصاؤهم، وطي صفحات نجاحهم، ومحو حروف عرقهم دون حفظ لقيم الحق، والصدق، والوفاء..

من هنا يأتي غمط النفوس، وكدر الصدور، وخيبة النتائج..

فليس من مبدأ للإتمام، والحفظ، وتواصل الجهود، وإعلاء الأبنية، وتماسك القواعد..!

بل الجرْف بسيل الإهمال، والنسيان، والطغيان، لجهود السابقين..

كم صدراً يئن من الحسرة على ما بذل..؟

وكم من الأسماء طُويت في سجل الإهمال، والنسيان، وقد شيدت.. وكانت بالأمس محور الضوء..، والمقصد..، والصدارة..!!؟

ربما، يذهب بعض من هؤلاء المسروقين لتدوين إشراقات أيامهم، وتحبير صفحات كدِّ خطواتهم، وتصوير مسامات زرع بصماتهم.. ربما..

لكن القيمة الصادقة للمجتمع هي أن تشيع بين أفراده روح الجماعة، والإحساس بأعضاء الجسد، والعمل على تنقية المسار من سطوة الهدم، وترسيخ قيم التواصل، والتعاضد، والتتمة، وحفظ حصاد الآخرين دون ذره إمعان في الهواء كالرماد...!!..

وكما هو الفساد شائع في هدر المقدرات، فإن المقاعد التي تشغر بمن يأتي تشهد على الفساد في العبث بحصاد من يذهب..

وهذا سلوك يتجذر أثر فساده في أخلاق التعامل في كثير ممن لا تقيدهم أنظمة إدارية صارمة، ومقننة بفعل الإنسان..

ولعل مع موجة التطهير الشاملة.. أن يتعرض لمائها مثل هؤلاء فيُغسل هذا السلوك..، وينقى..!