كنت قد أشرت في المقال السابق إلى أن تاريخ جامعة الإمام يعود إلى عام 1373هـ/ 1952م زمن افتتاح كلية الشريعة, وافتتاح كلية اللغة العربية عام 1374هـ/ 1953م. وفي عام 1394هـ/ 1974م تمّت الموافقة على نظام الجامعة واعتبارها مؤسسة تعليمية وثقافية عالية. لكن هذا السجل التاريخي لم يشفع لها في إنشاء مدينة طبية. رغم بدء برنامج كلية الطب.
جامعة الأمام من الجامعات العريقة في العلوم الشرعية مع جامعتي أم القرى والإسلامية وتستوعب لوحدها (150) ألف طالب وطالبة، ورغم ذلك لا تملك مقراً أو ميزانية لمشروع المدينة الطبية, وهذا ظلم أكاديمي غير مقصود وقع على جامعة الإمام منذ أن خصصت لها أرض لإقامة مقر للجامعة والكليات والمدينة الجامعية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس, وتم اختيار موقع محصور ومحدود بين طرق رئيسية: غرباً طريق عثمان رضي الله عنه، وشرقاً طريق الدائري الشرقي، وجنوب طريق الجامعة (الأبراج)، أما شمالاً فكان طريق التخصصي فاصلاً بين الجامعة وفضاء واسع لأراض حكومية وغيرها، مازالت قضية تلك الأراضي عالقة بين أطراف عدة, في حين التزمت وزارة المالية الصمت ولم تبادر في حلول بديلة, وبذلك دفعت جامعة الإمام وكلية الطب الثمن.
جامعة الإمام بحاجة إلى مساحة ممثلها لمساحتها الحالية التي تعد صغيرة جداً، قياسا بالمدن الجامعية التي فتحتها الدولة مؤخراً لبناء مدن جامعية ومجمعات أكاديمية, وتكاد تكون مساحة جامعة الإمام الحالية تعادل مساحة بعض المجمعات الأكاديمية وليس المدن الجامعية، وتمثل ربع جامعة الملك سعود، أو زاوية صغيرة من زوايا جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وهذا ظلم إداري إضافي.
تحتاج جامعة الإمام بعد أن قررت الانتقال من الجامعات التخصصية إلى الشاملة، تحتاج إلى مدينة طبية لاستيعاب: كلية الطب، وكلية طب الأسنان والصيدلية مستقبلاً, وكلية العلوم الطبية التطبيقية، ويضاف لها كلية الهندسة والحاسب الآلي وكلية العلوم. فهناك جامعات ناشئة عمرها لم يصل إلى أربع سنوات فقط، وجامعات ناشئة تأسست بعد عام 1423هـ أنشأت مستشفيات وتبني لها مدينة طبية.إذن لماذا جامعة الإمام لا تعطى هذه الفرصة ولا ترتبط بمشكلات عقارية عالقة وبطريق تم إنشاؤه في ظروف تخطيطية طارئة وعاجلة حتى أصبح طريق التخصصي حداً فاصلاً للجامعة.
وزارة المالية عندما أنشأت جامعة الأميرة نورة وهي مشكورة على هذا الإنجاز، فتحت لمشروع الجامعة الميزانية المالية والأراضي، حتى أن مساحة جامعة نورة يكاد يكون لا حدود لها وفوق حاجتها وإمكانياتها الأكاديمية والمعمارية و الصيانة, لماذا لا تبادر وزارة المالية في اقتطاع أراض من جنوب وغرب جامعة الأميرة نورة لتخصص للمدينة الطبية لجامعة الإمام، وبذلك تخدم جامعة نورة كونها في موقع واحد وتخدم شمال شرق الرياض الذي يخلو تماماً من أي مستشفى حكومي، وذو كثافة سكانية عالية وقابل للنمو السكاني السريع.
لو خصص أراض للمدينة الطبية لجامعة الإمام من أراضي جامعة نورة، سيسهم في خدمة علاجية ويفتح المجال أمام الطلاب لتوسيع قاعدة التخصصات الطبية وسد احتياج سوق العمل في تخصصات الطب والعلوم الطبية.