ينتشر الرعب في الصحافة العالمية حول الفيروس الجديد الذي ظهر تحت مسمى كورونا فيروس لكن السعودية تشهد أكبر حالات الإصابة حول العالم حيث توفي أكثر من خمسة عشر شخصا من أصل ثلاثين (منظمة الصحة العالمية تشير إلى 34 إصابة حتى الآن)
وبما يوزاي خمسون بالمائة من عدد الإصابات هذا مع العلم أن (60% من الإصابات المسجلة ظهرت فقط خلال الأسابيع القليلة الماضية كما أن 60% من الوفيات حصلت في منطقة واحدة ومؤخرا وهي الأحساء (كما ورد في مقال الزميلة نورة العمرو في جريدة الوطن الأربعاء 15 مايو 2013).
تعود بدايات التعرف على المرض وكما نشرت جريدة الجاردين البريطانية في عددها اليوم الأربعاء الخامس عشر من الشهر الحالي (مايو 2013) إلى شهر سبتمبر من سنة 2012 حين قدم رجل قطري مريض بالتهاب رئوي حاد للعلاج في مستشفى سانت توماس في لندن حيث خضع لإجراءات عزل مشددة لعدم معرفة نوع الفيروس الذي سبب الإلتهاب وفي نفس الليلة زار بعض الأطباء المعالجين لحالته موقع برو ميد والذي يعني بنشر أخبار طبية حول الإصابات الفيروسية وغيرها ليجدو تحذيرا من طبيب مصري يعمل في جدة حول اشتباهه بحالة مريض عنده لم يعرف نوع الفيروس المسبب لالتهاباته التي لم تمهله أكثر من 11 يوما ليقضي بعدها ويتم ترحيل الطبيب من السعودية ! (بناء على المقابلة التي نشرتها الجارديان) لإفشائه (سرا كهذا !)
تذكرنا هذه النوبات من الأمراض بحمي الخنازير وانفلونزا الطيور التي حيرت العالم وركض الناس والحكومات حينها لصرف اللقاحات وتوزيعها على أطفال المدارس لمنع انتشار المرض بشكل وبائي ومع ذلك فقد قتل فيروس سارس مثلا عام 2003 أكثر من 800 شخص حول العالم .
المشكلة في كرونا فيروس أن ما يعرفه العلماء عنه قليل جدا بالمقارنة مع الفيروسات الأخرى من حيث كيفية انتقاله وفترة حضانته وسبل مقاومته وغير ذلك من المعلومات الهامة للوقاية منه ومن ثم فما تستطيع الحكومات والمؤسسات ذات العلاقة فعله شيء قليل جدا لمقاومة انتشاره.
القصد من استعراض كل ذلك هو التعرف على درجة الوعي الشعبي بتفشي مرض كهذا يؤدي إلى الوفاة وما هي الإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزراة الصحة وغيرها من القطاعات ذات العلاقة للمواجهة . على موقع الوزارة تجد معلومات أساسية عن المرض والطرق التي يعتقد أنه ينتقل بواسطتها كما يكشف موقع الوزارة عن استعانة الوزراة بالمنظمات العالمية لمساعدتها عبر مختبراتها في فهم أفضل الطرق للمواجهة وهو ما هو متوقع لكن هل يشعر الناس فعلا بخطر المرض المحدق؟
المحير فعلا هو هذا الهدوء المريب الحذر من قبل الأجهزة المعنية بحيث لم يستشعر الناس حتى الآن بخطر فايروس كهذا يقضي عليهم وعلى أجهزتهم الحيوية في فترة زمنية قياسية.
نفهم تماما حرص الوزارة والدولة على عدم إثارة مشاعر الناس وخوفهم فالجموع أحيانا تتصرف بشكل غريزي للبقاء وقد تثار حساسايات ورعب وهيجان لا داع له ومن ثم فمن الهام في حكاية ظاهرة خطيرة كهذه هو كيفية إدارتها وجعلها تحت السيطرة لكن في ذات الوقت يجب أيضا عدم تجاهلها أو التقليل من حجمها بتقليل التعريف بها أو الحديث عنها فمعرفة الناس بحقائق بسيطة حول العوارض التي ظهرت على بعض المرضى عند إصابتهم مثلا بافايروس كرونا مثل ارتفاع في درجة الحرارة وشعور بالتعب والتهابات تنفسية حادة وأن أربعة من أسرة واحدة أصيبوا به وأنه يمكن أن ينتقل بين البشر وربما عن طريق الرذاذ يجعلنا كأفراد نتخذ إجراءات بسيطة لحماية أانفسنا مثل غسيل اليدين بشكل متكرر والحرص على حماية الآخرين حين نعطس أو نكح وعدم التهاون في أية حراراة أو برد بل أخذها الآن على محمل الجد إلخ من إجراءات فردية قد تحد من انتشار المرض بشكل جماعي.
الفكرة هي في ضرورة التعامل من قبل الجهات المعنية مع المواطنين على أنهم راشدون ومسئولون وقادرون على التصرف في محيطهم الشخصي ومع أولادهم وأهلهم بشكل أسرع وأقرب من الوزارة.
يجب فعلا إصدار بيانات صحفية يومية عن أحوال المرض كما يجب أن تمتلئ الصحف بإعلانات ضخمة تلفت انتباه المواطن في كل القرى والأرياف والمناطق النائية حتى يتخذوا من الاحتياطات ما هو ضروري لمنع تفشي الإصابات وتداركها سريعا.
نفهم أن لا الحكومة ولا الوزراة مسئولة عن هذا النوع من المخاطر الوبائية فهذا أمر صار يحدث في كل أنحاء كوكبنا بفعل وسائل الانتقال والتواصل بين الناس التي جعلت المرض قادرا على السفر عبر المحيطات بواسطة الإنسان والحيوان لكن من الضروري في مواجهة أزمة كهذه اتخاذ المسارح الجماعية للدولة مثل المدراس والجامعات والمساجد كوسائل لتوصيل رسائل تنبيهية سريعة ويومية للمواطنين كذلك الجرائد اليومية الحكومية ووسائل التواصل التي فعلت وزراة الصحة بعضها لكن ليس من الضروري أن نكون من أتباع الوزارة على التويتر حتى ننتبه لبياناتها كما أن وزراة الصحة لن تستطيع وحدها إدارة أزمة عالمية كهذه. كل أجهزة الدولة يجب أن تتضافر ويتم تشكيل فرق عاملة للتنسيق تماما كما نواجه عدوا غزا ديارنا فجاءة دون أن نعلم.
المواطن مسئول وهو بالمناسبة أصبح ذكيا وناقدا ومتابعا ليس لإعلام المملكة فقط لكن للإعلام العالمي الذي ينشر معلومات دقيقة عن كل شيء بما فيها هذا الفيروس وبما فيها تحذير روسيا مواطنيها من السفر إلى المملكة باعتبارها منطقة موبؤة! أنا فقط أسال ماذا علينا كمواطنين أن نفعل لدعم عمل الأجهزة الحكومية في المقاومة؟