|
كتب - علي الصحن:
ليست المشكلة في أن تخسر مباراة، لكن المشكلة أن تتواصل خسائرك دون أن تكون قادرا على التدخل وإصلاح ما يمكن إصلاحه بدلا من ذر المزيد من الوعود على جراح واصلت النزف بشكل غير مسبوق، فالهلال خسر هذا الموسم عشرة مباريات (أربعة في الدوري وخمسة في دوري أبطال آسيا، وواحدة في كأس الملك للأبطال).
في الثامن من أغسطس الماضي ومع نهاية الجولة الثانية من دوري زين حين تعادل الهلال مع هجر ثم خسر من الفتح كتبت تحت عنوان: (يا إدارة الهلال... من زرع حصد) ما يلي: (صدمت الجماهير الهلالية كما لم تصدم من قبل وهي تشاهد فريقا مهلهلا باردا يفتقد الهوية الفنية وهو يلعب باسم الهلال وشعار الهلال، وفي المسابقة الأقوى في السعودية، ومن شاهد الهلال في مباراتي هجر ثم الفتح لا يمكن أن يصدق أنه أحد المرشحين للقب، وأنه يتحضر للمشاركة في ربع نهائي دوري أبطال آسيا، وأنه يسعى إلى مواصلة إنجازاته التي بدأت تتوارى، وكانت تباشير ذلك قد بدأت في الموسم الماضي، لكن الإدارة أكدت أنها استفادت من أخطاء الماضي، وأنها تعلمت من أخطاء الماضي، لكن حاضر الهلال يشي بكل شيء ويقول بكل صدق إن جرح الهلال مازال ينزف، وأن حضوره قد بدا باهتا، وأن البدر الذي كان يشع في السماء قد انصرف إلى طور المحاق... وأحد لا يعلم إلى أين سيمضي الهلال، وأين سيتوقف الهلال، ولا كيف سيعود الهلال).
لقد جاءت إجابات الأسئلة الثلاثة بعد تسعة أشهر لتقول:
- سيمضي الهلال ليخسر ثلاث بطولات تباعا.
- سيتوقف الهلال عند بطولة واحدة ولن يكون قادرا على تجاوزها تماما كما فعل في الموسم الماضي.
في حين بقيت إجابة السؤال الثالث (كيف سيعود الهلال) أسيرة لوعود لم تتحقق، وصفقات لاعبين محليين دون مستوى الطموح - مع تقديري لهم - ولاعبين أجانب عجزوا مرارا وتكرارا عن صناعة الفارق، بل إن اللاعب الذي كان يؤمل به (ويسلي لوبيز) أصبح عالة على الفريق، وظل عاجزا عن فعل شيء بعد فترة الانتقالات الشتوية، في حين يقدم المدافع أوزيا مستويات متوسطة لكنه يخطئ في ألعاب لا يقع فيها لاعب محترف، وفي مباراتي الاتحاد ولخويا الأخيرتين كلفت أخطاء أوزيا وعدم تركيزه الفريق الخروج من بطولة، وتضاءل آماله في بطولة أخرى.
في السادس عشر من أغسطس الماضي كتبت تحت عنوان: (الهلال بين الوصاية والتاريخ )..ما يلي: (ما يحدث في الهلال (النادي) وليس الهلال (الفريق) فقط، ليس وليد أخطاء جديدة ولا بسبب محاولات لم يكتب لها النجاح، بل هو سليل أخطاء متراكمة حذّر منها كثير من الإعلاميين (الصادقين) والهلاليين (المخلصين)، لقد قال كثيرون في مواسم خلت، وبعد بطولات أهدرت، إن الهلال يحتاج للكثير والكثير من العمل، وأن الهلال يجب أن يدار بأسلوب مؤسسي علمي، ليس فيه وصاية لأحد، ولا يقوم بناء على رغبات أحد وتوجهات أحد، كان الكثيرون يقولون إن الهلال يحتاج إلى علاج لا إلى مسكنات، كانوا يؤكدون أن الهلال بحاجة إلى أن يتخلص من أسباب أوجاعه وما قد يزيد آلامه، وليس إلى ما يخففها يوماً ويخفيها يوما، لكنها في الواقع تنهش في الجسد الأزرق، وتضعف من قواه، حتى يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه علاج ولا تؤثر مسكنات، وإن لم يتدارك الهلاليون أمور ناديهم عاجلاً فربما يأتي اليوم الذي يندمون فيه.. ويومها قد لا يفيد الندم، ولا تنفع الشكوى، وحري بالهلاليين الذين يؤكدون أن ناديهم يمرض ولا يموت، يتعثر ولا يسقط... أن يفكروا في أسباب المرض ودواعي العثرة أساساً، من أجل القضاء عليها، وضمان بقاء النادي في موقعه الذي لا ينافسه عليه أحد، ولا ينازعه عليه أحد).
في نفس المقال قلت: (في مجال كرة القدم يمكن أن يتساءل أي هلالي أو متابع رياضي: أين ذهبت إنجازات فرق الناشئين والشباب، وما الذي حدث للفريق الأولمبي في الموسم الماضي، وكيف عجز عن المنافسة على لقب بطولة الأمير فيصل بن فهد وهو الذي كان أحد أبرز المرشحين لها؟؟..
وهنا أرجو أن لا يقول قائل إن الفرق الأخرى تعمل وتتطور، وأن الجميع يريد الفوز بالألقاب والبطولات، لأن هذا يعني أن عمل الهلاليين أقل جودة وكفاءة من غيرهم، ويصبح ما أريد به دفاعاً إدانة بحق العمل الهلالي!!
أعود إلى حيث بدأت، وأقول إن الهلال الآن يحتاج إلى علاج لا إلى مسكنات، الهلال يحتاج الآن إلى أن يلتم محبوه وشرفيوه ومسيروه من أجل الانتقال به إلى مرحلة جديدة من الإنجازات والمنافسة، يحتاج إلى نقلة من مرحلة الوعود والمواسم الاستثنائية والهلال الذي ليس له مثيل إلى مرحلة العمل المؤسسي المنظم، العمل الذي يوزع الصلاحيات ويحدد المسؤوليات، العمل الذي يكشف أوجه القصور في حينها، ويوجه إلى أفضل الحلول فور الحاجة إليها.
الهلال، يا من يريدون مصلحة الهلال، يريد أن يعود إليه شرفيوه وصانعو تاريخه الذي لا يُجارى، وأن يتم تفادي مرحلة الوصاية والصوت الواحد والرأي الواحد والقرار الواحد، وهي السياسة التي أسقطت مؤسسات وأندية، وأن يتم توسيع دائرة الشورى وتبادل الآراء واختيار أحسنها بما يتوافق مع الموارد المتاحة والإمكانيات الموجودة فعلاً.
الهلال يحتاج إلى الانتقال من مرحلة ضم لاعب لأنه يروق لشخص معين، وإبعاد لاعب لأنه لا يروق لآخر، والإصرار على أسماء قدمت كل ما لديها وأصبحت عبئاً على الفريق وميزانيته، والهلاليون يعرفونهم جيداً، فهذه أمور فنية بحتة يجب أن لا تتدخل فيها العواطف ولا تسوقها الرغبات، في الهلال وفي غيره من الأندية.
الهلال يحتاج إلى مجلس استشاري مؤهل ومن أشخاص معروفين بحبهم للنادي، وقربهم منه، ولهم تاريخهم فيه، حتى يقدموا آراء إدارية وفنية تفيد النادي.
الهلال مقبل على مرحلة صعبة، مرحلة العمل وليس مجرد الوعود، حتى لو حقق الفريق الكروي بطولة معتادة، وتجاوز كبوته الحالية... يجب أن يكون العمل للمستقبل ولتاريخ الهلال ).
ما كتبته قبل تسعة أشهر أعيده الآن ولا أزيد عليه حرفا واحدا، فخلال هذه المدة التي تساوي موسما رياضيا كاملا لم يتغير شيء في الهلال باستثناء أنه تلقى وللمرة الأولى ثماني خسائر في موسم واحد، وهو رقم لم يعهده الهلاليون ولم يعرفوه طوال سنين خلت، فهل هذا هو التطوير والعمل الذي وعد صناع القرار الهلالي جماهير الفريق ؟ وهل هذا هو الموسم الاستثنائي الذي انتظره الهلاليون كثيرا ؟ أما نتائج الفريق الأولمبي والفرق السنية فهي واضحة وأرجو أن لا يأتي من يقول هنا إن الهلال كان منافسا حقيقيا على كل البطولات...فالحقيقة تقول إن الهلال بطل... وليس مجرد منافس فقط !!
الآن أمام الفريق الهلالي مباراة الرد أمام لخويا القطري، وهي في النهاية مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، ولاعبو الهلال قادرون على فعل شيء لهم ولتاريخ فريقهم ولأنصاره، لكن ذلك وإن تحقق يجب أن لا يجعل الهلاليين يتناسون الأمر، وينتظرون الكثير في المرحلة المقبلة، فالواقع يقول إن الفريق بوضعه الحالي لن يكون قادرا على المنافسة في المواسم المقبلة، وإن كان قد اكتفى بالوصافة في دوري هذا الموسم فربما يتراجع أكثر وأكثر في المواسم المقبلة، لا أقول هذا من باب التشاؤم ولكنها الحقيقة التي يجب أن يتوقف عندها الهلاليون ووأولهم إدارة النادي...
إن قراءة سريعة لقائمة البدلاء في مواجهة لخويا أمس الأول تعطي انطباعا سريعا عن وضع الفريق الهلالي، فكل من تابع المباراة كان يخشى إصابة لاعب داخل الميدان لأن ممرن الفريق لم يكن يملك الأوراق البديلة التي بإمكانها صناعة الفارق، وحتى عندما حاول التدخل وبدل ظل الفريق على حاله لأن البدلاء أقل بكثير من الأساسيين، ورحم الله أياما مضت كان فيها لاعبو الهلال يصنعون المدرب، وكان المدرب عاجزا عن تحديد الأسماء البديلة... لقد مر على الهلال أيام كان فيها لاعبوه البدلاء بوزن يوسف الثنيان وأبوثنين والتيماوي وسلمان العمران والغشيان !! فأين ما كان وأين الهلال الآن ؟؟
الواقع الهلالي الآن يوجب التغيير والتبديل، يوجب الغربلة، وهنا لست في صف من يقول إن الهلال لم يتعرض لكارثة تستدعي هذا كله، فهل ينتظرون وقوع الكارثة حتى تتم غربلة الفريق، وتجديد دمائه، وإبعاد بعض الأسماء التي قالت بما تقدمه داخل الميدان وفي كل مران أنها عاجزة عن فعل شيء، وأنها لا يمكن أن تضيف أي شيء للفريق الأزرق، وأن استمرار مجاملتها على حساب الفريق لن يزيده إلا ضعفا، وسيكلفه المزيد من الخسائر ؟؟
الواقع الهلالي... حتى وإن تجاوز لخويا - وهي صعبة من وجهة نظري - يوجب على إدارته أمر من اثنين:
- إما تغيير سياستها في التعاقدات مع المدربين واللاعبين الأجانب والمحليين إلى ما كانت عليه في مواسمها الثلاث الأول في النادي، واستبعاد الأسماء التي ثبت أنها غير قادرة على فعل شيء للفريق، والأخذ بسياسة الإحلال والإبدال لتجديد دمائه حتى يعود إلى سيرته الأولى.
- أو أن تتنازل الإدارة عن السنوات الثلاث المتبقية من فترتها الرئاسية الثانية إلى من يستطيع إعادة الهلال، والاستقالة ليست عيبا وليست فشلاً في النهاية، ولن تكون أول إدارة تستقيل في العالم وفي كافة الأنشطة والمجالات.
فماذا ستصنع من أجل الهلال... لننتظر ونرّ.