يحكى أن نفرًا من الناس قصدوا مكانًا لحاجةٍ لهم، فركبوا البحر، وما لبثت أن هبَّت عليهم عاصفة ٌ شديدة فأغرقتهم جميعًا خلا راكبٌ واحدٌ أخذت الأمواج تتلاعب به حتى ألقته على شاطئ جزيرة ومهجورة، فما إن أفاق الرجل من إغمائه حتى حمد ربه حمدًا كثيرًا على أن نجاه بعد أن رأى الموت رأي العين، وأخذ يبتهل إليه أن يتمم عليه نعمته بإخراجه من هذا المأزق الصعب، مرَّت عدة أيام كان الرجل يقتات خلالها على ثمار ما يصادف من أشجار أو ما يصطاد من أرانب وأطيار، ويشرب من ماء جدول ٍ قريب ٍ وينام في كوخ صغير بناه من أعواد الشجر؛ ليقيه من برد الليل وحر النهار، وذات يوم أخذ الرجل يتجول حول كوخه قليلاً ريثما ينضج طعامه على أعواد الخشب المتقدة، لكنه عندما عاد فوجئ بأن النار التهمت كل ما حولها بما في ذلك كوخه الصغير؛ فأخذ يصرخ: لماذا يا رب؟ إنما هي لحظات ابتعدت بها؟ حتى الكوخ احترق!! لماذا تهبط على رأسي كل هذه المصائب يا رب؟! ونام الرجل مستغلق القلب، دامع العين، ومع بزوغ شمس النهار كانت هناك مفاجأة بانتظاره، رأى سفينة تقترب من الجزيرة، وتنزل منها قارباً صغيرًا لإنقاذه، وما إن صعد الرجل على سطح السفينة حتى أخذ يُسائل البحارة كيف علموا بوجوده في هذا المكان المنعزل؟ فأجابوه: «لقد رأينا دخانًا يرتفع عاليًا من هذه الجزيرة فعرفنا أن بها شخصًا يطلب الإنقاذ»!! فسبحان من علم بحاله ورأى مكانه، سبحانه مدبِّر الأمور كلها من حيث لا ندري ولا نعلم.
«إذا ساءت ظروفك فلا تخشينَّ بخسًا ولا رهقًا فليس لله عند عبيده ثأرًا، وما عليك إلا أن تثق بأن لله في كل شيء ٍحكمة، وتحسن به الظن، فلعل الفرج قريب ولا تجعل الظروف مشجبًا تعلق عليه فشلك وإنهزاماتك وعثراتك ، ولتكن الأحجار التي تواجهها في طريقك اللبنات التي تبني بها سلمًا تصعد به إلى سماء النجاح!»