في كتابه (الاستشراق الأمريكي.. أمريكا والشرق الأوسط منذ 1945م) يقول الكاتب الأمريكي(دوغلاس لميتل) إن فهم مواجهات أمريكا والغرب بشكلٍ عام مع الشرق الأوسط بعد عام 1945م يتطلب فهم الخلفية الثقافية والصور النمطية العنصرية التي يعتقد غالبية الشعب الأمريكي بعلاقتها وارتباطها بالشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي.. انتهى. السؤال المباشر والأقرب إلى الصواب والحقيقة.. وبعيداً عن خداع الإعلام الأمريكي هو(لماذا تكره أمريكا العرب؟) رغم كل الدعم الذي يُقدم لها
والأموال التي تُنفق على نزواتِها.. حتى لنكاد نقول بأن العرب هم القاعدة التي أرست عليها أمريكا دعائم إمبراطوريتها العظمى. فعلى امتداد عقود من الزمن والبترول العربي يجري في عروقها.. والمال العربي هو الغطاء الذي تلتحفه لتحقيقِ جل أهدافها.
منذ الثمانينيات وكل الأحداث التي تدور في العالم العربي والإسلامي تُشكِلُ صدمة قوية ومرعبة للقلبِ الأمريكي.. فيزداد التعصب ضد العرب والمسلمين.. ويشنُ المفكرون وصناع القرار الحملات الضارية ضد العرب والمسلمين.. ويرون أن الإسلام ثقافة معادية وخطرة تهدد القيم والمصالح الغربية وليس أدل على ذلك ما كتبه( مارتن أنديك) حيث يقول( إن وجود حكومة على النمط الغربي في العالم العربي يُعزز القوى السياسية الغربية ضد القوى المعادية للغرب) هذه العبارة تؤكد بما لا يدعو للشك أن عناصر تشكيل العقل الأمريكي جميعها قد تآمرت إما صدفة أو عن قصد وهو الأقرب إلى الصواب لتشويه صورة العرب والمسلمين.. إذن ليس غريباً أن تأتي الاتهامات جاهزة ضدهم وتجعل منهم كبش فداء يُضَحى به على مذابح السياسة الخارجية الأمريكية والغربية بشكلٍ عام.
بعد أحداث سبتمبر شعرت الشعوب العربية قاطبة بزيادة وشدة ضراوة الحملات الأمريكية المتعمدة عليهم.. بل أصبحت الرؤية الأمريكية تتجه صوب جذور الحضارة الإسلامية وتبحث عن أوجه الخلاف والتضاد بين الحضارة الغربية والإسلامية وأن تفسر هجمات الإرهاب التي حدثت على أنها إخفاق العرب والمسلمين من اللحاق أو الالتحاق بركب الحضارة الغربية.. فهم يرون من وجهة نظرهم بأن التركيبة التي تشكل هوية العربي المسلم محكوم عليها بالتخلف والعجز والقصور والذي سرعان ما يتحول إلى موقفٍ عدائيٍ ساخط ٍعلى الغرب وإنجازاته. وعلى الرغم من أن بعض العقول الغربية ترى استثناءً في نماذج عربية وإسلامية تحتكُ بها إلا أن القاعدة العامة المهيمنة على عقول الشعوب الغربية ومهما بلغت من مدارك العلم والحضارة هي الصورة النمطية السيئة عن العرب والمسلمين.. صورة تتلخص بشكل عام في أنه.. إرهابي يخطف الطائرات.. يشن الهجمات الانتحارية.. عنيف متشدد.. مستبد ويقهر المرأة.. يسعى لتحقيق ملذاته بثرائه الفاحش صورة غذتها وسائل الإعلام الغربية وجماعات الضغط اليهودية وأدت إلى ظهور (فوبيا الإسلام) الخوف من الإسلام والمسلمين. ولعل الهجمات الشرسة على العرب والمسلمين يُدْرَكُ منها أن مارد الحقد والغضب لم يكن وليد لحظة.. فجذورها تعود إلى الصور التي كررها بعض كتاب الغرب في كتاباتهم ومؤلفاتهم على مرِ العصور حتى ما قبل الحروب الصليبية وربطهم بين الإسلام والتطرف الغزو والعنف والقتل فمشاهير الكتاب أمثال فولتير ومارتن أنديك وفي عصرنا الحالي فريدمان وغيرهم.. هم من غذوا الخيال الغربي بهذه الصور ولعل من أشهر الكتب التي جسدت هذه الصورة المشينة عن العرب والمسلمين هو كتاب (صراع الحضارات) لمؤلفه (هنجتون).
وعلى الرغم من أن أمريكا لم تحتل دولاً إسلامية كما فعلت دول استعمارية أخرى إلا أنها ورِثت الكراهية والحقد والغموض تجاه العرب والمسلمين.. والتراث الأمريكي مشحون بهذا العداء الذي لا زال مستمراً حتى وقتنا الحالي.. لتظل صورة العربي المسلم في ذهن السواد الأعظم من الشعب الأمريكي هي الصورة السلبية.. ويظل الدور الإعلامي الأمريكي يلعب دور البطولة المطلقة في تحديد رؤية المواطن الأمريكي للعرب والمسلمين بما يبثه من حقائق مزيفة وأخرى عارية عن الصحة.. فرادفت كلمة الإسلام كلمة الإرهاب في ذهن عوام الأمريكيين والغرب بشكل عام.
zakia-hj1@hotmail.comTwitter @2zakia