يكثر الحديث هذه الأيام عن حركة حماس، وعلاقتها بالثورات العربية، وثورة مصر على وجه الخصوص، وذلك لارتباط القضية الفلسطينية الكبير بمصر، نظرا لأهمية مصر من جهة، وعلاقة الجوار من جهة أخرى، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما لهذه الحركة من جهود عند بداية تأسيسها، ونحن نتحدث هنا عن الشيخ أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسي، وغيرهما من القيادات التي تخلصت إسرائيل منهم بطريقتها الخاصة، بتواطؤ واضح من الداخل الفلسطيني، فهل يا ترى كان هناك دور واضح لحركة حماس في الإطاحة بالرئيس مبارك؟! وإن صح هذا، فهل غيرت حماس نهجها منذ اغتيال قياداتها التاريخية؟ ومن كان له دور في هذا التحول؟ ومن هم أبرز رموزه؟!
يحسن بنا هنا أن نعود إلى التاريخ، وأعني أيام سطوة حركة حماس في المقاومة، وحينها لم يكن أحد يعرف السيد خالد مشعل، فقد كان كادراً صغيراً، وفجأة ضج الإعلام العربي، والعالمي، متحدثاً عن محاولة اغتياله في عمان، وهي قصة تصلح أن تكون عنوانا لرواية بوليسية، أو فيلم أكشن من طراز رفيع، فقد قيل إن الموساد الإسرائيلي تسبب في تسميم مشعل، وأنه كان قاب قوسين أو أدنى من الموت، لولا تدخل شخصية كبرى لإنقاذه، فقد أصرت تلك الشخصية على الطرف الإسرائيلي بأن يتم إمداد مشعل بالترياق المكافح لعملية التسمم، وهو الطلب الذي لاقى قبولاً لدى الطرف الإسرائيلي، وشفي مشعل، وأصبح بعدها بطلاً حتى اليوم، ولن أتساءل هنا عن أسباب تنازل الإسرائيليين بهذه السهولة عن فكرة القضاء على مشعل، على عكس ما حصل مع ياسين، والرنتيسي، وغيرهم، ولكننا نعلم أن حركة حماس اليوم ليست حركة الأمس، فقد تحولت من منظمة عسكرية «مقاومة» للاحتلال، إلى حزب سياسي يحكم على الأرض!
منذ تسلم مشعل زمام الحركة، وما أعقب ذلك من تسلمها السلطة في قطاع غزة، قرأنا كثيرا عن الفساد المالي لبعض كوادرها، وعن أرصدتهم المالية الهائلة في البنوك الخارجية، وعن حياة الترف التي يعيشونها مع ذويهم، وعن تذمر مواطني غزة من الحركة، وأخيرا عن دورها في الثورة المصرية، وهنا نتساءل عما إن كانت الحركة، ومنذ انشقاقها عن حركة فتح، جزء من لعبة تسلم تنظيم الإخوان المسلمين للسلطة في دول الربيع العربي؟ ونتساءل عما إن كان لمسيرتها في الحكم في غزة دور في اقتناع الغرب، والولايات المتحدة تحديدا بإمكانية تسلم «الإسلاميين» للسلطة؟ والتعايش مع ذلك، فالمؤكد أن التسريبات، على مدى سنوات، تشير إلى أن حماس لم تكن أحسن حالا من فتح، لا في مسايرتها للمزاج السياسي الإسرائيلي، والغربي من جهة، ولا في قمعها للحركات الفلسطينية المقاومة من جهة ثانية، فهل بعد كل هذا يستغرب أحد من دورها في ثورة مصر، إذ قد يكون دورها أكبر بكثير مما تم تسريبه حتى الآن، فلننتظر ونرى.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2