الدعم الحكومي في جميع الدول يذهب إلى أقل الناس حظاً وأحوجهم ومن النادر أن يذهب للأغنياء، أما عندنا في المملكة فإن الدعم يذهب للأسرة الغنية أكثر من ذهابه للأسرة المحتاجة. تجد الأسرة الغنية تحصل من الدعم على عشرة أضعاف ما تحصل عليه الأسرة الفقيرة، بل وصل الأمر إلى أكثر من ذلك، فالدعم عندنا يصل إلى الشركات السعودية وغير السعودية والتي ليست بحاجة لهذا الدعم.
الوقود والماء والكهرباء وبعض المنتجات الغذائية في المملكة مدعومة، ونجد أن عائلة مكونة من خمسة أشخاص دخلها لا يزيد عن 4 آلاف ريال تحصل على هذا الدعم الذي يكلف الدولة، فرضاً، 5 آلاف على أساس ألف ريال للفرد، بينما نجد أن شركة مكونة من 20 ألف موظف غير سعودي، وتحصل على مشاريع حكومية وبأسعار فلكية، تحصل على نفس دعم هذا المواطن البسيط ولكن بكمية أكبر أي بما يعادل عشرين مليون ريال. يوجد ثمانية مليون عامل يعملون لدى شركات ومؤسسات يستحوذون هم وشركاتهم على حوالي 30% من هذا الدعم الحكومي وهم ليسوا بحاجة له. ليس هذا فقط، ولكن تجد أن الإنسان الغني يسكن في قصر مساحته 5 آلاف متر مع عشرين شخص من الخدم ويكلف الدولة أضعاف ما تكلفها الأسرة الفقيرة من دعم.
البعض اقترح أن يتم رفع الدعم عن الجميع وهذا فيه إجحاف في حق الأغلبية وخصوصاً إذا ما علمنا أن ثلاثين في المائة من دخل الكثير من المواطنين يذهب للإيجار بسبب أزمة السكن، وإذا ما علمنا بأن متوسط الرواتب لا يزيد عن 7500 ريال شهرياً. لذا فالأفضل أن يكون الدعم فقط للمواطن المحتاج ويستثنى من هذا الدعم الشركات والغير محتاجين.
المشكلة أن بعض الأغنياء ومنهم الأغنياء جداً، استمرأ هذا الدعم بجميع أنواعه حتى أصبح استغلالا، فأصبحنا نجد الملياردير بدل أن يبتعث طلابا للدراسة على حسابه كخدمة للمجتمع، أصبح يستخدم وجاهته ليحصل على بعثة لابنه، وبدل أن يساعد في مصاريف علاج المحتاجين أصبح يطلب أوامر علاج له ولأسرته رغم عدم حاجته، وبدل أن يطفئ المكيفات عند سفره ثلاثة أشهر خارج المملكة تجده يجعلها تعمل خلال غيابة خوفاً على أثاث المنزل ضارباً بمصلحة الوطن عرض الحائط.
استهلاكنا من الماء ومن الوقود في ازدياد ويجب الترشيد قبل أن يأتي يوم لا نجد فيه نفط وبالتالي لا نستطيع دعم تحليه المياه. من الصعب الترشيد بالتوعية فقط حيث أنها قد فشلت، الترشيد لا بد أن يكون برفع الدعم عن غير مستحقيه لتزداد الأسعار ويفكر الفرد ألف مرة قبل أن يبني منزلا أكبر من حاجته.
الجميع حر في ماله ويفعل به ما يشاء ولكنه ليس حر في موارد المجتمع الطبيعية، ولا يحق له أن يعبث بهذه الموارد.
@BawardiKwww.bawardik.com