مع التطوُّرات التي شهدها عصرنا في المجالات الإنسانية كافة تسعى الدول الكبرى إلى ترسيخ معرفتها بدول العالم، ومن ثم تعمل على إنشاء أقسام لدراسات بعينها، مثل دراسات العالم الإسلامي، دراسات إيران، دراسات الشرق الأقصى، دراسات شؤون الأقليات.. كل هذا رغبة منها في الاستزادة بالمعرفة بما يدور في المناطق المدروسة، والعمل على تكوين متخصصين يستفاد منهم وقت الحاجة، فحين تنشب أزمة في منطقة من مناطق العالم يكون اللجوء إلى المتخصصين في موضوعها أولاً، وهم الذين يقدمون المشورة والآراء من واقع معرفتهم وخبرتهم الوثيقة التي تكونت من خلال الدراسة، ومن خلال الزيارات الميدانية في المنطقة التي تخصص فيها هذا الباحث/ المسؤول.
ولعلنا نحن هنا في المملكة وقد كثرت لدينا الجامعات، وتنوعت التخصصات، نفكر على نحو عاجل في إنشاء أقسام أو مراكز متخصصة فاعلة من مثل دراسات إفريقيا، دراسات وسط آسيا, دراسات جنوب آسيا، دراسات الصين، دراسات الشرق الأقصى، دراسات إيران، دراسات تركيا، دراسات الأقليات المسلمة في أوروبا.
وما الذي يمنع من أن نتخطى ذلك إلى دراسات تتخصص في أمريكا الشمالية، وعلى وجه التحديد دراسات الولايات المتحدة الأمريكية، وأخرى تتخصص في أمريكا الجنوبية؟ وفي ظني أن أقسام التاريخ التي ينظر إليها اليوم على أنها عبء، وتسعى بعض الجامعات إلى التخلص منها، مثلما فعلته جامعة الملك خالد في فترة سابقة، هي التي يمكن تستثمر بإحداث هذه الدراسات شريطة أن تكون على مستوى الدراسات العليا، وليست على مستوى الدراسات الجامعية، وبالإمكان أن تساهم أقسام العلوم السياسية في الجامعات في هذا المجال أيضاً.
ومن المهم أن يكلَّف من يهتم بهذا الشأن أو الجهة بأن تدرسها وفق المصادر الحديثة، والاستعانة بالأساتذة المتخصصين في هذا الموضوع في الجامعات المرموقة التي تحتوي على أقسام مثيلة، وأن يدفع الطلاب إلى القيام بزيارات ميدانية وإعداد دراسات عن هذه المناطق.
ختاماً: من الصعب علينا أن نبت في شأن من شؤون القضايا السياسية المعاصرة دون أن يكون لدينا متخصصون ذوو خبرة، يستطيعون أن يقدموا المشورة والرأي الصواب.