كنت قبل عدة أيام في نقاش ممتع وثري بكل معنى الكلمة مع مجموعة من الشباب المتعلّم والمتخصص في الاقتصاد والاستثمار عن التصوّر المستقبلي لتحوّل الرياضة من هواية إلى صناعة وسوق حقيقي جاذب لرؤوس أموال المستثمرين، اختلفنا في هيكلة هذا السوق واختلفنا في طريقة تشريعه قانوناً وتطبيقاً واتفقنا في نهاية الحوار على أننا مجرد مراقبين عن بعد وأن القول الفصل في كل هذا سيكون عند المختصين ورؤيتهم للشكل النهائي لهذه الصناعة التي أصبحت طرقاتها على أبوابنا تزداد قوة وصخباً يوماً تلو الآخر. وفي ظهيرة يوم السبت الماضي، أرسل لي أحد الإخوان رسالة على جوالي نصها: (تذكير بملتقى الاستثمار الرياضي اليوم الساعة 8م).
فاجأني توقيت الرسالة واعتبرتها هدية ثمينة تروي عطش رغبتي الجامحة في معرفة تفاصيل هذا اللغز الأعظم في رياضتنا ألا وهو (الخصخصة).
ذهبت إلى الملتقى مباشرة متعمداً عدم معرفة الأسماء التي ستكون حاضرة في الملتقى لأضفي على هذه الرحلة مزيداً من التشويق، دخلنا إلى القاعة التي كانت تغص بعدد هائل من الشباب والتي لم تستطع استيعابهم جلوساً فعاقبتهم على حماستهم بالوقوف لأكثر من ساعتين من الزمن. ورغم هذا لم يتأفف أحد من الواقفين (وأحمد الله أني لم أكن أحدهم) فعنوان الملتقى يعبّر عن حلم وهاجس لهم، فلا ضير من بعض التعب مقابل ما سيحصلون عليه من معلومات وحقائق.
وكان السؤال الأول على المتحدثين والذي طرحه المتألق دائماً الأستاذ تركي العجمة هو كالتالي: (هل الاستثمار مظلة كبيرة تضم تحتها العديد من الأدوات ومن ضمنها الخصخصة أم العكس؟). سؤال استهلالي مباشر يفترض أن يكون مجرد توطئة لما بعده من نقاش، ولكننا دهشنا جميعاً من أن المتحدثين اختلفوا على إجابة هذا السؤال! وبعد تجاوز هذا السؤال انهالت عبارات الإحباط وموانع التطبيق وإشكاليات التنفيذ من أفواه المتحدثين بشكل غريب. إحباطٌ فإحباطٌ فإحباط، هل أتينا لنسمع مثل هذا الكلام؟ هل هذه هي إجابات الأسئلة العديدة التي كانت تجول بخواطر كل الحضور مثل:
هل ستكون الأندية استثمارات خاصة بالمواطنين فقط أم ستكون مفتوحة لرؤوس الأموال الأجنبية؟
هل ستكون الملكية فيها للأفراد أم للشركات أو للتكلات الاستثمارية؟
ما هي أوجه الاستثمار وقنواته التي تعتزم اللجنة الاستثمارية المختصة تقديم تراخيص خاصة بها للأندية وللمستثمرين من خلالها؟
ما هي الخطوات التي تمت لحفظ أسماء وشعارات الأندية كاسم تجاري يحميه من القرصنة والتزوير؟
ما هي الجهات الأخرى في الدولة التي ستدخل هذا المجال، وما هي طرق التعاون التي ستضمن النجاح والاستمرارية لهذه الصناعة الناشئة في بلدنا مع تلك الجهات؟
العديد من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها، فأصبح الملتقى مجرد ساحة لتقاذف أسباب عدم نجاح الفكرة قبل أن تولد ونجح في ترسيخ فكرة أننا منذ طرح فكرة الخصخصة في عام 2002م إلى منتصف عام 2013م لم نتقدم خطوة واحدة للأمام إن لم نكن تراجعنا خطوات للخلف. للأسف!
بقايا..
- سُئل سؤالاً عن الاستثمار الرياضي فأسهب في الحديث عن نفسه ومناصبه ومقالاته إلى أن اضطر أحد الحضور بالرد عليه قائلاً (ما جينا نسمع عنك، جاوب على السؤال بس). ورغم هذا تجده (محافظاً) على تواجده في كل حدث. عجبي.
- من لا يستطيع استقراء (ولو تقريبياً) عدد المهتمين بفحوى الملتقى ويحجز لهم قاعة لم تستطع استيعاب ثلث عددهم، لا يجب أن يحاضر في كيفية تكوّن حلمهم ونشأة صناعتهم.
- عندما يكون الملتقى بلا محاور أو نقاط أساسية للنقاش فمن الطبيعي أن يتحول من ملتقى للاستثمار للحديث عن مستوى اللاعب السعودي!
- أحد المستثمرين الحاليين في الرياضة تهرب من الإجابة على سؤال (هل الاستثمار في الرياضة مربح؟)!!! أعتقد والعلم عند الله أنه خائف من الحسد، ورغم هذا كان أحد المتحدثين! لماذا أستضيف إذا؟
خاتمة
لا يجب أن تقول كل ما تعرف ..... ولكن يجب أن تعرف كُل ما تقول.
Twitter: @guss911