لا أدري ماذا أقول ونحن نرى جيراننا يخرجون بين الفينة والأخرى بتشريعات يعززون فيها ايجاد أنموذج يصل الى التكامل من حيث التوصل لمنظومة يعززون فيها نمو أسواق المال الإسلامية (Islamic Capital Market ). لماذا نعيش في «قوقعة من عالم آخر» وكأننا لا نأبه بما يحصل من تقدم من دول عهدها بالمالية الإسلامية لا يتجاوز السنة الواحدة! ألا نشعر بالإحراج على الأقل؟ هذا بالفعل ما شعرت به عندما تحدثت مع بروفيسور ماليزي درست على يده قبل سنوات ليست بالبعيدة. نظر الي عبدالرشيد وقال: «ألا تعلم يا محمد أنه لو اعتمدت بلادكم المالية الإسلامية بكل جدية لتقفى أثرها كافة الدول الإسلامية؟».
لم أستطع أن أرد على عبدالرشيد الذي يأتي من دولة معرُوف عنها بتوفير بيئة تنظيمية نشطة ومتسقة للتمويل الإسلامي وذلك بفضل دهاء وحنكة بنكها المركزي.
فكل ما فعلناه هو ادراج الصكوك ببورصتنا ونسينا تعزيز هذا العمل بالتشريعات المرادفة التي تعزز اصدارات الصكوك في بلادنا. والمحصلة تصدرنا للمركز الأول كأقل البورصات تداولا للصكوك. ويكفي أن نقول إنه ليس لدينا هيئة شرعية مركزية تجيز المنتجات أو حتى أقسام تعني بجانب التمويل الاسلامي لدى الجهات التي تنظم القطاع المالي بالسعودية.
حتى اصدارات الصكوك السعودية تتم عبر جهد ذاتي من الشركات الكبرى والبنوك الأجنبية. ولكن الطامة الكبرى التي تعزز ما ذكرته سابقا عن التقصير المؤسسي هو ادراج بعض هذه الصكوك في البورصات الأجنبية, بالرغم من وجود بورصة خاصة بها عندنا، وتسجيل شركة الأغراض الخاصة (SPV), التي ترتبط بالصكوك, في الخارج.
لنقتدي بدبي !
فبعد عمان و دول الربيع العربي, هاهي دبي تدعم «أقاويلها» بالأفعال.
فهذه الإماره الصغيرة ،التي لم تعد صغيرة بأفعالها، تعتزم اقامة هيئة شرعية مركزية للرقابة على كل المنتجات المالية الإسلامية المستخدمة هناك وهو ما سيشجع الشركات شبه الحكومية على إصدار الصكوك وإدراجها بالبورصة المحلية.
وأشار عيسى كاظم الأمين العام للجنة المسؤولة عن مبادرة الاقتصاد الإسلامي في دبي إلى أنه سيتم التنسيق بين جميع المعايير والصيغ والقواعد التنظيمية من خلال هيئة شرعية موحدة على مستوى الحكومة تشرف على القطاع.
وتتألف الهيئات الشرعية من أساتذة شريعة يصدرون آراءهم في مدى امتثال الأدوات والأنشطة المالية للشريعة. ومعظم البنوك والشركات المالية الإسلامية الكبرى في العالم لديها هيئات شرعية إلا أن فتاوى الهيئات المختلفة أحيانا ما تكون على درجة من التباين كما أن أعضاء هذه الهيئات يواجهون شبهة تضارب المصالح في بعض الأحيان.
يقول كاتب تقرير رويترز: «وبإنشاء هيئة شرعية مركزية تستطيع دبي تقليل درجة الارتباك بشأن معايير التمويل الإسلامي في الإمارة وهو ما سيساعدها في جذب الأعمال. وباستثناء ماليزيا يطبق عدد قليل من الدول مفهوم الهيئة المركزية الموحدة. وتطبق بلاد خليجية أخرى نموذجا مترهلا غير مركزي لتنظيم قطاع التمويل الإسلامي».
فدبي تنبهت لمسألة «هروب» صكوك بلادهم الى الخارج و لجوئها للبورصات الأجنبية ذات البيئة التشريعية الودودة للمستثمرين. ففي السابق، كان لافتا قيام العديد من الشركات في الإمارات بإدراج أسهمها في دبي لكنها تذهب إلى بورصة لندن لإدراج الصكوك بفضل سمعة لندن الفائقة على مستوى وفرة السيولة وتقدم البيئة التنظيمية. ودَعم التقرير ذلك بتصريح لبول ماك فيتي مدير الشؤون القانونية بشركة دي.ال.ايه بايبر يقول فيه «إن أدرجت شركة أسهما في سوق دبي المالي فسوف تدرج صكوكها في نفس السوق بالبديهة. لكن هذا لم يكن الوضع. فأغلبية الإصدارات ذهبت إلى بورصات أوروبية.»
حيث تظهر بيانات تومسون رويترز أن إصدارات الصكوك الجديدة عالميا زادت إلى نحو 121 مليار دولار عام 2012 من نحو 85 مليارا خلال 2011. وكان نصيب دبي من هذا الاجمالي منخفضا نسبيا. ويستدرج كاظم في وصف تفاصيل الحال بقوله ان الصكوك المدرجة في بورصة دبي بلغت 9.2 مليار دولار تقريبا بينما هناك صكوك صدرت من دبي وأدرجت بأسواق دولية بقيمة 7.5 مليار وصكوك غير مدرجة بنحو 1.5 مليار.
وقال كاظم إن دبي يمكنها بسهولة تصدر قائمة المراكز المالية الإسلامية في العالم إذا أصبح نصف إصداراتها في صورة صكوك إسلامية وأدرج بالسوق المحلية.
وأضاف أن معظم مصدري أدوات الديون في دبي هيئات مرتبطة بالحكومة وبالتالي ستدرس إدراج صكوكها محليا.
من الواضح أن دبي قد ثبتت قواعد الدعم المؤسسي من أعلى الهرم. فمن الآن فصاعدا فأي شركة حكومية ستفكر مليا بتبعيات اصدار السندات الربوية قبل النظر في الصكوك.
mkhnifer1@gmail.com*مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لمجموعة «ادكوم آكادمي» المصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية.