الجزيرة - الرياض:
إذا أرست دبي أسلوبها الخاص لتنظيم إصدارات الصكوك، فإن ذلك يعني أنه ستتم هيكلة أكبر الإصدارات العالمية حسب قواعدها ويجري تداولها بعد ذلك في دبي. وسيراعي مسلمو العالم معايير دبي في إنتاج الغذاء ويأتون إليها لتسوية نزاعاتهم عبر آليات التحكيم الإسلامي.
مع تعافي دبي من أزمة سوق العقارات الخانقة التي اندلعت عامي 2009 و2010 تركز الإمارة أنظارها على تأسيس مركز عالمي للأنشطة الإسلامية في مجالات البنوك والتأمين وإنتاج الغذاء والتعليم والسياحة والمفاوضات التعاقدية.
يقول تقرير رويترز: «تبدو الإمارة وافدًا غير متوقع على صناعة التمويل الإسلامي كونها مشهورة بالثقافة التجارية المتحررة وأسلوب الحياة العالمي ومراكز التسوق المبهرة أكثر منها بالتنظير الفقهي الإسلامي».
في مجال التمويل الإسلامي تواجه المدينة الصغيرة التي يقطنها نحو مليوني نسمة منافسة ضارية من مراكز أكثر تطوراً مثل كوالالمبور والبحرين ولندن.
لكن مع سعي دبي لتنويع اقتصادها بعيداً عن سوق العقار غير المستقر فقد تسهم عناصر قوة المدينة بوصفها اقتصاداً تجارياً نابضاً بالحياة في تعزيز قطاع التمويل الإسلامي الذي يعاني من خلافات مذهبية وشكوك تنظيمية.
يقول جريج رونج الشريك بشركة أوليفر وايمان لاستشارات الإدارة والمقيم في دبي «هذه المبادرة قد تضع دبي على الخريطة في مقابل مراكز أخرى كالبحرين وماليزيا».
ويضيف «دبي معروفة باتصالها ببقية العالم. ولست متأكداً إن كانت مراكز مالية أخرى نجحت في بناء جسور خارجية».
وأعلن مؤخراً حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذا التوجه لتطوير الأنشطة الإسلامية. ولم يعط تفاصيل لكن أجهزة حكومية تعمل الآن على ترجمة الخطة إلى برنامج عمل.
ويبدو أن الدافع الرئيسي للإمارة عملي أكثر منه سياسيًا أو ايديولوجيًا كونها ترى فرصة لتعزيز الاستثمار الأجنبي.
وتشير التوقعات إلى مزيد من النمو مع ارتفاع أسعار النفط التي تعزّز سيولة الصناديق الإسلامية بمنطقة الخليج.
وتشهد المصرفية الإسلامية نمواً أيضاً. فالبنوك الإسلامية بالخليج تدير حالياً نحو 450 مليار دولار أو نحو 30 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية بالمنطقة.
ومن المتوقع أن تؤدي التحولات السياسية بالمنطقة إلى دعم الصناعة في بقية أنحاء الشرق الأوسط. فأصبح لدى مصر وتونس والمغرب وغيرها الآن حكومات بقيادة إسلامية عبَّرت عن رغبة في دفع التمويل الإسلامي. وتستطيع دبي الاستفادة من بيع الخدمات والخبرات إلى هذه البلاد.
وقد تركز الإمارة ابتداء على المصرفية الإسلامية وإصدار الأوراق المالية رغم أنها تسعى لتغطية كثير من مجالات النشاط التجاري الإسلامي.
ويرى معارضون لهذا التوجه أن دبي رغم كونها مركز التمويل التقليدي الرئيسي في الخليج فهي لاعب متوسط الحجم في التمويل الإسلامي.
وستظهر مع الوقت قدرة دبي على جذب مقترضين مع وجود معايير منافسة أصدرتها جهات تنظيمية محلية وهيئات إسلامية في بلاد أخرى.
لكن دبي تتميز بموقعها في قلب الخليج وهي نقطة محورية لحركة النقل الجوي بين أوروبا وآسيا وأفريقيا ومدينة ذات طابع عالمي يفوق معظم المراكز الأخرى.
وتقول دبي: إنها ستطرح نهجاً جديداً. وتعاني صناعة التمويل الإسلامي من انقسامات بسبب غموض معايير إصدار المنتجات وتضارب مصالح محتمل بين أعضاء الهيئات الشرعية المشرفة على الصناعة.
وسارت حركة إصلاح الصناعة ببطء بسبب المصالح المتجذرة في الهيئات التنظيمية الكبرى.
وسبق أن أثبت التوجه الرائد لدبي أن منتقديها كانوا على خطأ. فقد تطور مركز دبي المالي العالمي إلى أكبر مركز مالي في الخليج في أقل من عقد منذ إطلاقه.
وقال الشيخ حسين حامد حسان العضو المنتدب لشركة دار الشريعة للاستشارات القانونية والمالية في دبي وأحد أكبر فقهاء التمويل الإسلامي: إن طموح الإمارة الكبير سيساعد في دفع التغيير.
وقال «حاكم دبي لديه رؤية وهذا الركن الأساسي في النجاح».