« حينما يتقاعد العقاب
من مهمة (الحوم)
وإفزاع الأجواء
وملامسة أجنحته الصلبة للأنواء
يحجل على الأرض بمخالبه العارية
ينبش الدود
والعود
ثم يعود
يحدّق عبر الفضاء، ينشّف قوادمه الضارية
ويصبح طيراً أليفاً
يقلّب عينيه في الجو
يغدو عنيفاً
فيفرد كلا الجناحين
يغضب ثم يصيح
وينهض ثم يطير فترجعه إلى الواقع الصارية «
آنذاك - في واقع - (كهذا) يحاول (بعض) الناس تدجين العقاب وجعله كائناً أليفاً بمقدوره أن يقضي مهامهم الاجتماعية السخيفة كوضع قائمة مكتوبة في عنق العقاب... أو إرساله إلى البقالات المتناثرة تماماً كمخلوق مطيع وكما ترتئي سيدة البيت المبجلة التي لا تشبه إلاّ بومة حقيرة فحسب.
كان إذ ذاك العقاب المدجن يتلفت نحو المارة ويقرأ سرّ الفساتين الرفيعة ويُهمهِم مثل أي كائن داجن لا حول له ولا قوة، ويسير عبر الشوارع مثل أوزة أو بطة لا أكثر! ولم لا ما دام ليس بمقدوره حتى الطيران!!
حينما ثقلت السلة في عنق العقاب وكانت مليئة بالخس والطماطم وسائر الخضراوات، وكان يحجل بها كرجل عجوز، تأمل السحب الركامية وحدَّق ملياً بالكون، تذكَّر أنه طائر جارح لا كلب. آنذاك صرخ صرخته المبهجة ثم صفق بالجناحين الهائلين فتناثرت عاصفة من الرمل في الأجواء وشهر مخالبه الحادة وانقض نحو السيدة البومة وحملها بمخالبه الحديدية وغاب في الأجواز وكان يتساقط من الجو التفاح والرمان والطماطم وبعض ملابس السيدة.