عند الشدائد والمحن تظهر معادن الرجال، وتتضح شجاعة الشجعان الذين يقدمون على اقتحام الصعاب، ويعرضون أنفسهم لأشد المخاطر، من أجل المحافظة على مكتسبات الوطن، التي يأتي في مقدمتها بدون نزاع: أرواح المواطنين من الشباب، والشيوخ، والأطفال، والنساء.
وهذا ما برهن عنه رجال الدفاع المدني الشجعان خلال المدة الماضية التي هطلت فيها أمطار غزيرة على معظم مناطق المملكة، ومحافظاتها، وقراها، وهجرها، جرت على أثرها الأنهار والسيول، وتعرض فيها بعض المواطنين لأخطار كبيرة، أدت إلى وفاة بعضهم.. وكانت الأمور ستسوء أكثر بكثير، لولا لطف الله - تعالى - ثم يقظة رجال الدفاع المدني، وشجاعتهم في مواجهة الأخطار، وإنقاذ آلاف الأشخاص، وإيواء آلاف أخرى.
فقد خصص الدفاع المدني أكثر من سبعمائة فرقة، ووحدة مدنية شاركت في البحث، والإنقاذ، مستخدمة كل الإمكانات المتطورة التي يمتلكها الدفاع المدني.
ولا شك أن هذه الجهود العظيمة والتضحيات الكبيرة التي قدمها، ويقدمها رجال الدفاع المدني هي محل الإشادة والتقدير من كل الشعب السعودي والمقيمين فيه، وفي مقدمة الجميع ملك البلاد، خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - الذي كان يتابع عن كثب أحوال البلاد، ويوجه كل الجهات إلى الوقوف على أهبة الاستعداد لخدمة المواطن السعودي، وإنقاذه في أي جزء من أجزاء المملكة الغالية.
ومن منطلق المسؤولية العظيمة الذي يستشعرها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ومن منطلق تقديره ومكافأته لكل من يخدم وطنه، فقد وجَّه - حفظه الله - برقية إلى كل من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، ومعالي وزير المالية بوجوب حصر جميع الخسائر التي سببتها الأمطار للمواطنين أياً كان نوعها، والاستعانة بلجان من المحافظات لإنهاء هذا الموضوع في مدة لا تتجاوز شهراً من تاريخه، للنظر في تعويضهم عما تكبدوه من خسائر.
كما وجَّه وزارة المالية بصرف راتب شهر لكل رجال الدفاع المدني الذين أدوا واجبهم بكل إخلاص وتفانٍ، مع تقديرهم وشكرهم على تضحياتهم وبطولاتهم.
ولا يخفى أن وراء هذه الكفاءة العالية التي ظهر بها رجال الدفاع المدني، عقلية فذة تدل على المنهجية العالية المتقدمة المتبعة في تهيئة رجال الدفاع المدني من الناحية العلمية، والعملية، والتدريبية، وتوفير أحدث المعدات، والتجهيزات العالية للدفاع المدني، مما يدل على الجهود العظيمة التي يقوم بها رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، المعروف بمنهجيته وتكوينه العلمي والأكاديمي العالي، في سبيل الرقي بجميع القطاعات المرتبطة بوزارة الداخلية، حتى تكون في مستوى أرقى الوزارات في العالم.
ولا شك أن النجاح الباهر للدفاع المدني في المدة الأخيرة، كشف لنا بجلاء تلكم الجهود العظيمة، والمتابعة المباشرة الميدانية لمعالي الفريق سعد بن عبد الله التويجري مدير عام الدفاع المدني، ونزوله، ومشاركته الفعلية للجهود، مما كان له كبير الأثر في نفوس أفراد الدفاع المدني بمختلف رتبهم، وتخصصاتهم، ومهامهم.
وليس بخافٍ أن هذه الجهود الجليلة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - تستوجب من جميع المواطنين والمقيمين، أن يتعاونوا مع هذه الجهود الكبيرة التي لا تبذل إلا لمصالحهم ومنافعهم، وذلك باحترام الأنظمة، والحرص على التقيد بالتعليمات، لأن الهدف الرئيس منها هو حماية المواطن والمقيم في بدنه، وماله، وأولاده.
ومن الأمثلة على ذلك: أن الدفاع المدني كان يصدر باستمرار توجيهات، وتحذيرات للمواطنين، وإرشادهم إلى ما يجب عليهم أن يعملوه، ليتجنبوا مواطن الخطر، ويبتعدوا عن بعض الأماكن المحددة.
فكم كانت نسبة الاستجابة للتوجيهات والإرشادات؟ وكم كانت نسبة الخسائر التي كان بالإمكان درؤها - بإذن الله - لو تمت الاستجابة، والتعاون مع رجال الدفاع المدني؟.. والله ولي التوفيق.
alomari1420@yahoo.com